
مراكش تختتم اجتماعاً إقليمياً تحضيراً لمؤتمر الأمم المتحدة حول منع الجريمة

اختتمت بمدينة مراكش يوم أمس الجمعة أشغال اجتماع إقليمي تحضيري رئيسي في إطار الاستعدادات الجارية لعقد مؤتمر الأمم المتحدة الخامس عشر لمنع الجريمة والعدالة الجنائية.
ومن المقرر أن يُنظم هذا المؤتمر الدولي الهام في العاصمة الإماراتية أبوظبي خلال شهر أبريل من سنة 2026.
الاجتماع الذي استضافته المملكة المغربية على مدى ثلاثة أيام، من 23 إلى 25 أبريل، عرف مشاركة دولية واسعة، وحضرت وفود رسمية تمثل أكثر من 15 دولة، بالإضافة إلى مشاركة ممثلي منظمات حكومية دولية وهيئات غير حكومية.
وفي الكلمة الافتتاحية لأشغال الاجتماع، أكد وزير العدل عبد اللطيف وهبي، على الأهمية البالغة التي يكتسيها مؤتمر الأمم المتحدة لمنع الجريمة والعدالة الجنائية، باعتباره أكبر محفل دولي لمناقشة قضايا العدالة وتعزيز آليات الوقاية من الجريمة.
وأشار وهبي إلى أن الدورة الخامسة عشرة التي ستقام في أبوظبي ستركز بشكل محوري على “تسريع العدالة الجنائية من أجل حماية المجتمعات وتحقيق أهداف التنمية المستدامة في ظل التحولات الرقمية المتسارعة”.
من جانبها، شددت غادة والي المديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، على ضرورة التصدي للتحديات المتنامية التي تفرضها أشكال الجريمة المعاصرة، وأهمية ضمان الوصول العادل إلى العدالة لكل الفئات المجتمعية.
وقد ترأس أشغال هذا الاجتماع الإقليمي، الذي عرف نقاشات رفيعة ومداخلات متنوعة من المشاركين، هشام ملاطي مدير الشؤون الجنائية والعفو ورصد الجريمة بوزارة العدل المغربية.
وتم انتخاب ملاطي بالإجماع رئيساً للقاء من قبل الوفود الحاضرة، في إشارة إلى الثقة في الدور الذي يلعبه المغرب في هذا المجال.
تناول الاجتماع أربعة محاور رئيسية مدرجة ضمن جدول أعمال المؤتمر الخامس عشر، وأسفرت النقاشات حولها عن سلسلة من التوصيات الهادفة إلى تعزيز آليات العدالة الجنائية والتصدي لأشكال الجريمة الناشئة في المنطقة.
ففي المحور الأول المتعلق بتطوير استراتيجيات قائمة على الأدلة لمنع الجريمة، تم التأكيد على أهمية مقاربة الحاجيات الخاصة للفئات المستضعفة، والدعوة إلى إحداث وحدات متخصصة وآليات وطنية للإحالة، وإنشاء مراكز ابتكار متخصصة.
أما المحور الثاني الذي ناقش تعزيز نظم العدالة الجنائية التي تتمحور حول الإنسان، فقد شدد على مساواة الولوج إلى العدالة كركيزة أساسية لتحقيق الهدف 16 من أهداف التنمية المستدامة، وأوصى بضمان المساعدة القانونية المجانية، تسريع تعويض الضحايا، واعتماد الوساطة والعدالة التصالحية.
وفي المحور الثالث المتعلق بمكافحة الأشكال الجديدة والناشئة للجريمة، تم تسليط الضوء على التداخل بين الجريمة المنظمة والإرهاب والجرائم البيئية، مع التوصية بتبني مقاربات شمولية وتطوير قدرات أجهزة إنفاذ القانون وإنشاء مراكز للرصد والتحليل.
فيما ركز المحور الرابع على تعزيز التعاون واستخدام التكنولوجيا بمسؤولية، حيث دعا المشاركون إلى تقوية التعاون الإقليمي والدولي، وتشجيع استعمال الأدلة الرقمية والذكاء الاصطناعي في إطار قانوني يضمن الحقوق، والإسراع في تفعيل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة السيبرانية.
وفي سياق متصل، نظمت وزارة العدل المغربية على هامش الاجتماع فعالية جانبية يوم 23 أبريل حول موضوع “تعزيز جمع وتحليل بيانات الجريمة: دور المراصد في تطوير السياسات الجنائية”، استعرضت خلالها التجربة المغربية في إحداث وتطوير المرصد الوطني للإجرام، كآلية محورية في صياغة سياسات جنائية قائمة على معطيات علمية.
وأجمع المشاركون في هذه الجلسة على أهمية وجود آليات وطنية موثوقة لجمع وتحليل البيانات كأدوات حيوية لفهم ديناميات الجريمة وتقييم التدخلات وتوجيه السياسات العمومية.
وذكر بلاغ وزارة العدل أن التوصيات المنبثقة عن هذا الاجتماع الإقليمي الهام ستُدرج ضمن وثيقة المفاوضات الحكومية الدولية الخاصة بإعلان مؤتمر أبوظبي، والتي ستنطلق في شهر شتنبر المقبل.
ويهدف ذلك إلى ضمان تمثيل التحديات والأولويات الخاصة بمنطقة غرب آسيا بشكل فعال في النص النهائي للإعلان.
وفي كلمته الختامية، عبر رئيس الاجتماع، هشام ملاطي، عن شكره وتقديره لجميع الوفود المشاركة، مؤكداً أن التحديات المتزايدة في مجال الجريمة والعدالة الجنائية تتطلب عملاً مشتركاً لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات من أجل بناء مجتمعات أكثر أمناً وعدلاً.
