حين تهان الخيول.. البرلماني الفرفار ينتقد فوضى اصحاب الكوتشيات بمدينة قلعة السراغنة

حين تهان الخيول.. البرلماني الفرفار ينتقد فوضى اصحاب الكوتشيات بمدينة قلعة السراغنة

العياشي الفرفار- برلماني وأستاذ جامعي 

“سيكون انجازا كبيرا لو استطاعت الجهات المختصة التقليص من الفوضى التي يتسبب فيها اصحاب الكوتشيات..
ما يقع بشوارع المدينة تجاوز كل الحدود، تصرفات خارج القانون ربما نجد تفسيرا محتملا وجود من يحمييهم،…، لانهم استطاعوا تكوين جماعة ضغط انتخابي في اطار مبدأ (الاصوات مقابل الفوضى)”.

حين تهان الخيول

ارتباك السير على مستوى المدارة الرئيسية الواقعة امام قصر البلدية بقلعة السراغنة، والسبب اصبح اعتياديا: سقوط حصان كوتشي .
نزل السائق مسرعا وعصبيا كي يقف الحصان!
لم يقف الحصان، وانما وقف الناس! عدد المتفرجين يزداد، المشهد اصبح مجالا للفرجة والتصوير.
المشهد المؤلم لحصان سقط ولم يعد يقوى على الوقوف، المشهد المؤلم يكشف عمق الازمة، وحدهم من يظهرون هم الضحايا: الحصان وسائق الحصان ومستعملي الطرق. والمستفيد الوحيد لا يظهر، اصحاب الرخص حيت الريع في ادنى مستوياته.
طرق وشوارع المدينة اصبحت مثيرة للقلق والاستياء، نتيجة السلوكات المنفلتة بشوارع المدينة، والتي تحولت الى حلبات للسباق.
الامر مقلق، ويشكل خطرا دائما بشوارع المدينة، اظافة الى معاناة الخيول وربما حالتها الصحية تثير الشفقة.

الخيول وحدها حزينة، تعاني في صمت
يكفي ان تقف امام حصان لتصاب بالذهول، خيول هزيلة بعيون دامعة وعلامات التعب ظاهرة للعيان، لدرجة لم تعد تملك القوة حتى لطرد الذباب عن جسمها النحيل.
استوقفتي حادثة سقوط الحصان في المدارة، توقف حركة السير، ارتفاع اصوات منبهات السيارات، صاحب الكوتشي يفقد اعصابة بعد ان استنفذ كل المحاولات لكي يقف الحصان؟
الحصان لا يستطيع الوقوف.
العرق يتصبب من جسده.
اللجام احدث الكثير من الاذى بفمه، حتى اختلاط اللعاب بالدم.
سالت احد العارفين، عن كثرة العرق المتصبب من الحصان، الجواب كان صادما، هناك من يقدم بعض المخدرات للخيول مع العلف حتى تتضاعف قوتها، ويزداد نشاطها وبالتالي ارتفاع المدخول اليومي.

حتى الخيول أدخلت إلى عالم المخدرات!
مشهد الخيول الحزينة بمدينتي يمنحك مؤشرات للتفكير في التحولات القيمية والثقافية، نتيجة التحولات المتسارعة التي لحقت بالنسق القيمي نتيجة مفاعيل العولمة.
العولمة اخترقت كل الفصاءات وتغلغلت في تفاصيل الحياة الاجتماعية.
من مفاعيل العولمة نقل الخيول من العالم القروي الى فضاءات المدن
بالعالم القروي الخيول لها هيبة، ومكانتها محفوظة، وتحاط بهالة من التقدير والقداسة، وانها عنوان للخير والبركات ومعقود على نواصيها الخير.
بالمدينة المعولمة حيت قيم الربح والسلع والمخدرات واكتساح القيم الجديدة المحمولة عبر التيك توك وشبكات التواصل. الحصان فقد هالته، ويتم إذلاله وجعله بلا هوية وانما مجرد أداة لكسب المال.
وحين يتم استنفاذ كل جهده وطاقته يتم رميه بلا ماوى، يقتات من خشاش الارض ومن صناديق النفايات.
سلوك فاقد للحس الانساني ينسجم مع طبيعة العقل الاداتي حين كل شئ سلعة، حتى لو كانت الخيول التي لها رهبة وقيمة وتاريخ.
جريمة تسجل ضد الخيل والتاريخ حين تمنح رخص الكوتشي لاشخاص لهم سوابق، هي الاقرب الى رخص لتعذيب خيول صنعت التاريخ الإسلامي، فالحصان العربي كان اداة حرب، ومصدر قوة بدليل النص ألقراني، واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ورباط الخيل.
ما يقع بشوارع المدينة هو تعذيب لحيوان لا يستطيع الدفاع عن نفسه، وسط مجتمع يدرس أبناءه ان امرأة عذبت في هرة وبسببه دخلت النار!
بالمقابل نجد الفيسلوف التائر نتشه ينتصر لحصان مظلوم، نتشه اعتبر ان كل ما انتجه الفكر الانساني مجرد مومياء لا جسد لها.
مرة بجنوب ايطاليا بينما كان فريدريك نتشه بشرفة غرفته بإحدى الفنادق بمدينة تورينتو رأى حوذيا/ سائق عربة يضرب حصانه بعنف، نزل نتشه مسرعا، وارتمى على الحصان واستمر في موجة بكاء. وبعدها صرخ بعبارة: أنا أفهمك وهو مايزال يطوّق بذراعية رقبة حصان.
امام قوة المشهد تحلق الكثيرون من المارة وتقدم رجل نحو نتشه واخذه من ذراعه واسنده الى صدره واستضافه يومين.
بقي نتشه صامتا لمدة يومين حزنا على معاناة حصان مع حوذي اجلف.
كنت اتمنى ان تكون محنة الخيول وتعذيبها موضوع خطبة لصلاة الجمعة بنفس الاستشهاد بحكاية المرأة والهرة، لكن يبدو ان الامر صعب التحقق!
ما يقع هو انقلاب القيم، لكن يبدو ان جنون نتشه اكثر حكمة ورحمة منا، حين تفاعل مع موقف وعانق حصان يبكي في صمت ليعلمنا درسا ان الاخلاق ليست مجرد وصايا باردة ويتيمة. اتمنى ان يكون الحصان المظلوم موضوعا لخطب الوعض، وان الحديث عن تاريخ الاسلام هو حديث عن دور الحصان في نشر الاسلام، امام عجز الجهات المختصة بتنظيم السير والجولان في حماية حصان يعذب.
اما من منح رخصة سياقة الكوتشي لهولاء فقد ارتكب اعتداء في حق خيول ساهمت في كتابة تاريخ الاسلام.

videossloader مشاهدة المزيد ←