أثار حكم قضائي صادر عن المحكمة الابتدائية بمدينة القنيطرة جدلًا واسعًا بين المتابعين للشأن القانوني في المغرب، بعدما قضت ببراءة رجل متزوج وامرأة من تهمة الخيانة الزوجية، رغم اعترافهما بتبادل القبل.
وقد استغرب العديد من المتابعين هذا القرار، خاصة في ظل وجود شريط مصور يوثقهما وهما على فراش واحد، مما أثار تساؤلات حول معايير إثبات هذه الجريمة في القانون المغربي.
وفي هذا الصدد، أوضح أحمد المسعودي، الباحث المتخصص في القانون الجنائي، أن تبادل القبل يُعتبر خيانة زوجية، رغم عدم وجود نص قانوني صريح بذلك.
وأشار إلى أن محكمة النقض كانت قد اعتبرت في قرار سابق لها، رقم 1431/3 والصادر بتاريخ 17 أكتوبر 2018، أن اعتراف زوجة بتبادل القبل مع رجل أجنبي يُثبت جريمة الخيانة الزوجية في حقها، استنادًا إلى الفصل 493 من القانون الجنائي، الذي ينص على أن الخيانة الزوجية تُثبت بإحدى الوسائل التالية: محضر رسمي يحرره ضابط شرطة قضائية في حالة التلبس، أو اعتراف المتهم في مكاتيب أو أوراق صادرة عنه، أو اعتراف قضائي.
غير أن المحكمة الابتدائية بالقنيطرة رأت أن القضية المطروحة أمامها تخلو من أي من هذه الوسائل الثلاث، حيث لم يتم تسجيل أي حالة تلبس بجنحة الخيانة الزوجية موثقة بمحضر رسمي، كما أن المتهمين لم يعترفا أمام القضاء، ولم تصدر عنهما أي مكاتيب أو أوراق تتضمن اعترافًا بالجريمة، وبناءً على ذلك، أصدرت المحكمة حكمًا ببراءتهما.
وأكد المسعودي أن المشرع المغربي قيد وسائل إثبات جرائم الفساد والخيانة الزوجية بوسائل محددة وواردة على سبيل الحصر، وذلك استثناءً من مبدأ حرية الإثبات في المادة الجنائية.
وأضاف أن العمل القضائي المغربي اعتاد على اشتراط وجود علاقة جنسية فعلية لإثبات جريمتي الفساد أو الخيانة الزوجية، حيث لا يمكن تصور قيام هاتين الجريمتين دون محضر تلبس أو اعتراف كتابي أو قضائي بممارسة الجنس.
وبناءً على هذه المعطيات، فإن الحكم القاضي بالبراءة يتماشى مع مقتضيات القانون، رغم الاختلاف في الرأي حول ما إذا كان تبادل القبل يُعتبر خيانة زوجية أم لا، خاصة في ظل قرار محكمة النقض السابق الذي حسم هذا الجدل. ويبقى هذا الحكم محل نقاش واسع بين خبراء القانون والمهتمين بالشأن القضائي في المغرب.