![](https://www.marrakechalaan.com/wp-content/uploads/2025/02/احلوش-840x470.jpg)
إقليم الصويرة يتجه بثبات نحو الانتقال الطاقي
![إقليم الصويرة يتجه بثبات نحو الانتقال الطاقي](https://www.marrakechalaan.com/wp-content/uploads/2025/02/الصويرة.jpg)
أضحت الصويرة (مدينة الرياح)، التي تعد وجهة سياحية ساحرة، على امتداد السنين، رمزا لإقليم عازم على الاستفادة من مؤهلاته الطبيعية للانخراط بشكل كامل في ورش الانتقال الطاقي الذي أطلقته المملكة.
وفي قلب هذا الطموح، تعد الرياح، التي تهب بانتظام على سهول الإقليم وسواحله، موردا محوريا. ومع سرعة تتراوح في المتوسط بين 17 و24 كيلومترا في الساعة، تبدو إمكانات الطاقة الريحية بالإقليم واعدة بالنسبة للمغرب.
ومكنت هذه المؤهلات الصويرة من الارتقاء إلى إقليم رائد في مجال الطاقات النظيفة، منذ سنة 2007، مع تدشين محطة الطاقة الريحية “أمكدول”، في أول مشروع من نوعه، يندرج في إطار بروتوكول “كيوتو”. ولا يقتصر هذا المشروع في كونه منجزا تقنيا، بل يجسد قدرة المملكة على الجمع بين الالتزام البيئي والتنمية الاقتصادية.
وعلى بعد 15 كيلومترا فقط من جنوب مدينة الصويرة، يشكل هذا المشروع البارز، اليوم، نموذجا في مجال إنتاج الطاقة الريحية. وتستفيد المحطة، من خلال 71 مروحة رياح تبلغ قوتها 850 كيلووات، من ظروف طبيعية استثنائية، بما في ذلك متوسط سرعة رياح تصل إلى 9 أمتار في الثانية.
وحسب المديرية الإقليمية للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب (قطاع الكهرباء)، فإن هذه الوضعية تتيح إنتاجا سنويا قدره 210 جيغاواط/ساعة، وهو ما يكفي لتزويد آلاف المنازل بالطاقة، مع تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنحو 136 ألف طن سنويا.
وعززت مدينة الرياح، القوية بهذه التجربة الأولى والناجحة، التزامها نحو مستقبل أخضر مع تشغيل في أكتوبر الماضي محطة الطاقة الريحية “جبل لحديد”، الواقعة على طول الطريق الوطنية الرابطة بين الصويرة وآسفي.
واستنادا إلى المديرية الإقليمية، فقد تم إنشاء هذه المحطة على ثلاث تلال، وتحتوي على 54 مروحة رياح بقدرة 5 ميغاواط لكل منها. وقد تم تصنيع العديد من أجزاء المحطة محليا، ما يؤكد دينامية الصناعة المغربية.
ويتوقع أن يصل إنتاج هذه المحطة إلى حوالي 952 جيغاواط ساعة سنويا، مما يكفي لتلبية احتياجات مدينة يبلغ عدد سكانها حوالي 1.2 مليون نسمة، مثل مراكش أو فاس، مع تقليل انبعاثات ثنائي أكسيد الكربون بـ 580 ألف طن سنويا.
وإلى جانب هذه المشاريع الاستراتيجية، يمتد الطموح الطاقي لمدينة الرياح أيضا، إلى مجال التكوين المهني والبحث العلمي، عبر مبادرات تتوخى تقوية الكفاءات المحلية وتشجيع الابتكار في هذا الميدان.
وفي هذا الإطار، تضطلع المدرسة العليا للتكنولوجيا بالصويرة، التابعة لجامعة القاضي عياض، بدور محوري، إذ تقترح مسالك تكوينية تهم الطاقات المتجددة والتنمية المستدامة.
وأكدت الأستاذة الجامعية بالمؤسسة، خلود كاهيم، أن هذه المسالك المتخصصة تهدف إلى ضمان تكوين جيل جديد من المهندسين والتقنيين القادرين على الاستجابة للحاجيات المتزايدة للقطاع الطاقي والمساهمة بشكل نشيط، في تطور التكنولوجيات النظيفة الملائمة للسياق المغربي.
وأضافت في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه بالموازاة مع ذلك، تتعاون المدرسة مع مقاولات وطنية ودولية، وكذا مراكز البحث، لتوفير فرص التداريب للطلبة ومشاريع عملية في مجالات من قبيل تدبير محطات الطاقة الريحية، والنجاعة الطاقية، وتصور حلول مبتكرة من أجل استغلال الموارد المتجددة.
وأشارت كاهيم، التي ترأس المركز الدولي للبحوث وبناء القدرات، إلى أن هذه المبادرات البيداغوجية يدعمها تنظيم دوري لندوات وأيام مفتوحة وورشات حول الرهانات المناخية والطاقية، مفتوحة في وجه المهنيين وعامة الناس، مجسدة بذلك الرغبة في إشراك المجتمع الصويري في دينامية التحول الطاقي، مع تحسيس الأجيال الشابة إزاء التحديات البيئية وضمان مستقبل مستدام.
ولا يقف التزام الصويرة لفائدة الطاقة وحدها، بل يولي الإقليم أهمية كبرى للمحافظة على تراثه الطبيعي، كما يتضح من خلال الانخراط الدؤوب للمجتمع المدني المحلي في هذه المهمة.
وفي هذا السياق، تضطلع جمعية “موغا غرين”، على غرار فاعلين آخرين، بدور خاص ومتزايد في هذه الدينامية، إذ تعمل إلى جانب شركائها، على إرساء مبادرات تروم صون المنظومات البيئية الهشة، وتحسيس الساكنة حول الرهانات البيئية، والنهوض بالممارسات المستدامة.
وقال رئيس الجمعية، هشام أكورد، في تصريح مماثل، إن “الهدف يتمثل في تلقين ثقافة إيكولوجية فعلية داخل المجتمع المحلي، حتى يصير كل مواطن فاعلا في التغيير”.
وبفضل مقاربة مندمجة تجمع بين مشاريع طاقية كبرى، وتكوين متطور، والبحث العلمي والتوعية، باتت الصويرة اليوم، نموذجا ناجحا في مجال الانتقال الطاقي، يجسد لمستقبل مستدام تقترن فيه التنمية الاقتصادية باحترام البيئة.
![videossloader](https://www.marrakechalaan.com/wp-content/themes/alaanpress/images/loader-r.gif)