ذكريات مروعة.. “ديدي” أحد أبناء حي الملاح يروي ل”مراكش الآن” معاناته بعد زلزال الحوز +فيديو
وحيد الكبوري – (تصوير جواد اوريك) – مراكش الآن
استرجع “ديدي”، ابن حي الملاح بالمدينة العتيقة لمراكش، بحزن ذكريات الفاجعة التي عصفت بمراكش وإقليم الحوز خلال الزلزال المدمر في 8 سبتمبر 2023 على الساعة 23:11. وبرغم مرور الوقت على الكارثة، إلا أن آثارها النفسية لا تزال حاضرة بقوة في ذهنه، ترافقه في يقظته وأحلامه.
تحدث “ديدي” ل”مراكش الآن” عن اللحظات الأولى للزلزال، قائلاً: “كان كل شيء يسير بشكل طبيعي، فجأة، اهتزت الأرض تحت أقدامنا. أصوات الانهيارات وصرخات الجيران كانت تمزق الليل.” وأضاف أن حي الملاح، بأزقته الضيقة وبنيانه التاريخي، كان من بين المناطق الأكثر تضررًا، حيث انهارت أجزاء كبيرة من المباني، وحُوصر العديد من السكان تحت الأنقاض.
ورغم هول الموقف، لم يتردد “ديدي” في مد يد العون، حيث انخرط في عمليات الإنقاذ العشوائية مع عدد من أبناء الحي. يتذكر المشاهد المؤلمة التي عايشها: “كنا نحمل الجثث بين أيدينا، بعضهم كان من الجيران والأصدقاء. كلما أخرجنا جثة، كانت مشاعر الحزن والصدمة تسيطر علينا أكثر.”
وسط حديثه ل”مراكش الآن” عن الزلزال، لم يستطع “ديدي” إخفاء تأثره بذكرى فتاة صغيرة في مقتبل العمر، عثر عليها خلال عمليات الإنقاذ. “كانت تلك الفتاة بين الأنقاض، وكأنها تطلب المساعدة بنظرتها الأخيرة. منذ ذلك اليوم، لا تزال صورتها تلاحقني في أحلامي. أستيقظ ليلاً وأنا أراها واقفة أمامي، تذكرني بوحشية تلك الليلة.”
يشير “ديدي” إلى أن الكارثة لم تترك جروحًا جسدية فقط، بل تركت أيضًا أثرًا نفسيًا عميقًا لا يزال يعاني منه إلى اليوم. “كلما سمعت صوتًا قويًا أو شعرت بأي اهتزاز، تعود لي ذكريات تلك الليلة وكأنني أعيشها من جديد. حتى النوم لم يعد ملاذًا لي، فقد تحولت أحلامي إلى كوابيس.”
وعلى الرغم من الحزن العميق الذي يعيشه، دعا “ديدي” إلى استثمار هذه التجربة المؤلمة في تعزيز التضامن بين السكان وتحسين الجهود الإغاثية، قائلاً: “ما حدث كشف عن قوة تكاتفنا كجيران وأفراد. لكننا بحاجة أيضًا إلى أن تكون لدينا خطط واضحة وسريعة لمواجهة مثل هذه الكوارث، حتى لا تتكرر المعاناة.”
اختتم “ديدي” حديثه بالإشارة إلى غياب الدعم النفسي بعد الكارثة، مؤكدًا أن العديد من السكان، مثله، لا يزالون يعيشون تحت وطأة الصدمة. “نتمنى أن يكون هناك اهتمام بحالتنا النفسية، لأن الجروح النفسية أحيانًا تكون أعمق من الجروح الجسدية.”
تظل شهادة “ديدي” واحدة من بين العديد من الأصوات التي تروي مأساة الزلزال الذي هز المنطقة، وتكشف عن الجانب الإنساني الذي يتطلب التفاتة جادة من الجهات المعنية لتخفيف معاناة المتضررين وإعادة بناء حياتهم.