وفي مداخلاتها خلال هذا الاجتماع الذي عقدته لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بحضور وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، نوّهت فرق الأغلبية (التجمع الوطني للأحرار، الأصالة والمعاصرة، الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية) بمستوى النقاش العمومي الذي صاحب مشروع القانون، معتبرة أنه “يشكل محطة مفصلية حاسمة في العمل السياسي المؤسساتي والنقابي بالمغرب ويعزز تراكمات ومكاسب الحركة النقابية على المستويين الوطني والدولي”.
وسجلت الفرق البرلمانية أن مشروع القانون التنظيمي، وفق الصيغة التي صادق عليها مجلس النواب، “تضمن حكامة ممارسة الحق في الإضراب وتؤطره، وتقطع مع كل سلوك فوضوي بدون ضوابط واضحة لممارسته”، مؤكدة أن إخراج هذا النص “كآخر حلقة من القوانين التنظيمية التي أطرها دستور 2011 سيعزز مناخ الثقة لدى المستثمرين والفاعلين الاقتصاديين”.
كما أشادت بتوسيع الجهات الداعية لممارسة حق الإضراب، لتشمل كل النقابات ذات التمثيلية، مسجلة أن هذه المقتضيات تعزز من رصيد الحركة الحقوقية والنقابية في إطار دولة الحق والقانون الساهرة على ضمان التوازن بين الحريات النقابية ومصالح المقاولة الوطنية.
من جهته، أكد فريق الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، أن الدفاع عن حق ممارسة الإضراب قناعة ومعركة جماعية، منوّها بالنفس “الايجابي” الذي عرفه الحوار الاجتماعي، وداعيا مختلف الأطراف إلى “تقاسم الالتزام بمخرجاته والنأي عن المزايدات” والحرص على الوضوح تجاوبا مع مطالب الشغيلة.
ونوّه الفريق بالمكتسبات “المستحقة للشغيلة” التي تضمنها مشروع القانون التنظيمي، معتبرا أنها تشكل “لحظة حقوقية تعزز الصرح الحقوقي (..) وتعزز التجربة الوطنية في مجال التشريع”. كما دعا الحكومة إلى توفير الشروط الضامنة لممارسة الحق في الإضراب وإزالة العراقيل التي قد تحول دون حسن إعماله، مع مباشرة مراجعة عميقة لمدونة الشغل وإحداث قضاء متخصص في منازعات الشغل لتوفير الضمانات القضائية الكفيلة بالحق في ممارسة الحق في الإضراب.
أما فريق الاتحاد العام لمقاولات المغرب، فسجل أن مشروع القانون يُعد نقطة تحول في تنظيم حق الإضراب لضمان حقوق الطبقة الشغيلة وتحسين مناخ الاعمال وجذب الاستثمارات، داعيا جميع المكونات البرلمانية إلى استحضار المسؤولية الجماعية لوضع إطار تشريعي متقدم يراعي المرجعية الدستورية والالتزامات الدولية للمغرب ذات الصلة.
وثمّن الفريق المقتضيات التي تضمنها النص التشريعي لاسيما المتعلقة بآليات لإدارة النزاعات والآجال القانونية وادراج مساطر الوساطة والتحكيم والتنصيص على ضرورة استمرار الخدمات الحيوية اثناء الاضراب، مشددا على ضرورة تعزيز القطاعات الحيوية لاسيما الصحة والتعليم والنقل بآليات قانونية واضحة لتوفير الحد الأدنى لاستمرارية خدمات المرافق العمومية وعدم تعطيلها خلال ممارسة الحق في الإضراب.
من جانبه، اعتبر الفريق الاشتراكي-المعارضة الاتحادية، أن نص المشروع في صيغته الحالية “يثير العديد من الإشكاليات الجوهرية التي تمس بجوهر الحق في الإضراب وممارسته الفعلية”، مشيرا على سبيل المثال إلى التعريف “المحدود” الذي يقدمه المشروع لحق الإضراب، مبرزا أنه “يقتصر على فئة الأجراء الخاضعين لقوانين الشغل والوظيفة العمومية، متجاهلاً واقع سوق الشغل المغربي الذي يتميز بانتشار العمل غير المهيكل وتعدد الفئات المهنية”.
كما سجل الفريق البرلماني، أن مشروع القانون يعرف إشكالات “بنيوية” تتجلى في تكرار المواد وتداخل النصوص المتعلقة بالعقوبات، وهو ما “يخلق صعوبة في الفهم والتطبيق”، بالإضافة إلى حصر حق المبادرة في النقابات الأكثر تمثيلية الذي اعتبر أنه يشكل مساسا “بمبدأ التعددية النقابية ويحد من قدرة النقابات المستقلة والمنظمات المهنية على الدفاع عن مصالح منخرطيها”.
أما فريق الاتحاد المغربي للشغل، فعبر عن “رفضه” للصيغة الحالية لمشروع القانون الذي اعتبره “تكبيلي من خلال إقرار “مقتضيات زجرية في حق العمال والتدخل في الشؤون النقابية”، مؤكدا أنه يجب أن يضع محددات لبناء الدولة الاجتماعية والديمقراطية.
ويرى الفريق أن هذا النص يجب أن يقترن بإصلاح المقاولة لضمان حقوق المأجورين والمأجورات، مع بلورة سياسات عمومية وتخصيص ميزانيات لتشجيع الاتفاقيات الجماعية.
وبدورها، سجلت مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل “افتقار” مشروع هذا النص التنظيمي في صيغته الحالية إلى صياغة دقيقة لمفهوم الإضراب (..) فضلا عن كونه يثير جدلا حول الحالات التي يمكن فيها اعتبار الإضراب شرعيا أم لا.
كما اعتبرت المجموعة أن العقوبات التي ينص عليها النص « تثير مخاوف على مستوى نجاعة القانون لأنها تبدو أكثر تقييدا وتضييقا لحق الإضراب (..) الأمر الذي قد يدفع العمال إلى اشكال احتجاجية غير منظمة ».
من جهته، أكد الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب أن الغايات المتوخاة من هذا القانون التنظيمي، ستظل ناقصة دون إصلاح قانوني ومؤسساتي، ينطلق من الالتزام بالمرجعية الدستورية والقانونية والحقوقية والاتفاقيات والعهود الدولية ذات الصلة بالموضوع، ومراجعة عدد من المقتضيات القانونية الزجرية “التي تكبل بشكل واضح ممارسة هذا الحق”، مشيرا إلى “الاقتطاع من الأجر بسبب الإضراب، وتعقيد مسطرة الدعوة إلى الاضراب(…)”.
كما دعت الهيئة النقابية إلى إخراج قانون النقابات ووضع إجراءات مصاحبة لتطوير العلاقات المهنية والنهوض بالمفاوضات الجماعية وخلق مناخ جيد لتدبير العلاقات المهنية وتفعيل الحوار الاجتماعي المتعدد الأطراف، بالإضافة إلى مراجعة مدونة الشغل وتصحيح الاختلالات التي أبانت عنها الممارسة الفعلية.