نقاش حاد في مجلس المستشارين حول مشروع قانون الإضراب.. تأجيل تقديمه بعد انتقادات شديدة من النقابات
شهدت لجنة التعليم والشؤون الاجتماعية والثقافية بمجلس المستشارين، يوم الاثنين 6 يناير 2024، نقاشًا ساخنًا حول مشروع قانون الإضراب، الذي أثار جدلاً واسعًا في الأوساط السياسية والنقابية.
وتسبب هذا النقاش الحاد في تأجيل تقديم ومناقشة المشروع في المجلس، بعد مرور المشروع من مجلس النواب حيث تمت المصادقة عليه بأغلبية. ورغم ذلك، واجهت الحكومة انتقادات لاذعة من أعضاء اللجنة الذين أكدوا أن الحكومة لم تأخذ في اعتبارها مقترحات النقابات قبل تقديم المشروع للبرلمان.
استمرت الجلسة لأكثر من خمس ساعات، شهدت خلالها مداخلات حادة، حيث عبّر العديد من الأعضاء عن استيائهم من الصيغة الحالية لمشروع قانون الإضراب، التي مرّ بها دون تعديل يذكر. وقد حمل أعضاء اللجنة الحكومة مسؤولية عدم التشاور الكافي مع النقابات، مما دفعهم إلى دعوة الحكومة لإرجاع المشروع إلى طاولة الحوار الاجتماعي.
وفي تصريح له بعد رفع الجلسة، أقر وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، يونس السكوري، بصعوبة مناقشة المشروع. وقال: “نحن على وعي تام بتعقيدات هذه القضية، وأي تعديل في فترات الإضراب أو بعض النقاط القانونية قد يتسبب في آثار سلبية.” وفي رده على بعض انتقادات أعضاء اللجنة، أضاف السكوري: “ما فهمته منكم هو أنكم أحرص منا على التوافق، ونحن أيضًا نريد التوافق، لكننا لا نريد أن نقدم أنفسنا عليكم، فنضال الحركة النقابية له عقود من العمل.”
وأشار السكوري إلى أنه أجرى اتصالاً مع رئيس الحكومة عزيز أخنوش أثناء رفع الجلسة، حيث تم الاتفاق على فتح فترة جديدة للمفاوضات مع النقابات بدءًا من يوم الثلاثاء 7 يناير. كما تم الاتفاق على استئناف المناقشات في مجلس المستشارين يوم الأربعاء 10 يناير، على أن يتم تقديم المشروع يوم الخميس 11 يناير.
ورغم محاولات الأغلبية في اللجنة الدفع بعرض المشروع في الجلسة نفسها، إلا أن حدة النقاشات وصلت إلى تبادل اتهامات بين الأعضاء، مما دفع إلى رفع الجلسة لمدة ساعة للتشاور بين الأطراف المختلفة. وفي النهاية، تم الاتفاق على وضع جدول زمني محدد لتقديم المشروع ومناقشته لاحقًا.
في تصريح له لـ SNRTnews، أكد وزير الإدماج أن الحكومة حريصة على التوصل إلى توافق مع النقابات والشركاء الاجتماعيين قبل تقديم مشروع قانون الإضراب بشكل نهائي. وقال: “النقاش في اللجنة كان مستفيضًا ومهمًا، وقد تبين أن النقابات والأحزاب السياسية والشركاء الاجتماعيين لا يمانعون في مناقشة مشروع القانون التنظيمي.” وأضاف أن الحكومة قد بدأت في الأسبوع الماضي فتح باب الحوار الاجتماعي مع النقابات، مشيرًا إلى أن الهدف الأساسي هو الوصول إلى توافق دون الدخول في مزايدات سياسية.
وبخصوص مشروع القانون، أوضح السكوري أن الحكومة ترغب في إضافة تعديلات على النص ليكون متناسبًا مع متطلبات مغرب القرن 21. وأكد أن الحكومة تسعى إلى إقرار قانون يرضي جميع الأطراف ويكون مقبولًا من الشارع المغربي.
ورغم هذه التصريحات، فإن الشارع المغربي ما زال ينتظر حلاً نهائيًا بشأن مشروع قانون الإضراب، حيث يبقى التوافق بين الحكومة والنقابات التحدي الأكبر في الفترة المقبلة. ويبدو أن الحكومة مستمرة في مسعاها لإقرار قانون الإضراب الجديد، الذي قد يشهد تعديلات إضافية لضمان توافق أكبر بين مختلف الأطراف المعنية، بما في ذلك النقابات والأحزاب السياسية.