المغرب واسبانيا يتسابقان لإحياء مشروع النفق البحري بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط

المغرب واسبانيا يتسابقان لإحياء مشروع النفق البحري بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط

تتسارع الجهود بين المملكة المغربية والمملكة الإسبانية لإعادة إحياء مشروع النفق البحري الذي سيربط بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط، في خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز التعاون الإقليمي وتحقيق طموحات كبرى في مجال النقل والمواصلات.

النفق الذي سيربط بين “بونتا بالوما” الإسبانية و”بونتا مالاباطا” المغربية، يُتوقع أن يكون جاهزًا قبل استضافة الدول الثلاث: المغرب، إسبانيا، والبرتغال، لنسخة كأس العالم 2030، مما يعكس عمق العلاقات المتنامية بين القارتين الأوروبية والإفريقية.

تعود فكرة النفق البحري إلى ثلاثينيات القرن الماضي، حيث طرح لأول مرة كحل مبتكر لربط قارة إفريقيا بأوروبا، وظل المشروع يواجه تحديات عدة خلال العقود الماضية. ولكن في السنوات الأخيرة، عاد المشروع ليُثار بقوة في السياقات السياسية والاقتصادية، مما يعكس الأهمية الاستراتيجية لهذا المشروع الذي يُعد بمثابة نقطة تحوّل في العلاقات بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط.

في عام 1979، شهد المشروع تقدماً ملحوظاً بعد توقيع اتفاقية بين المغرب وإسبانيا لإجراء دراسات جدوى، ما أدى إلى تأسيس مؤسستين معنيتين بالمشروع: “SECEGSA” الإسبانية و”SNED” المغربية. وعلى الرغم من التوقف الذي دام منذ عام 2009، عاد المشروع ليُثار من جديد في فبراير 2023 خلال الاجتماع الرفيع المستوى بين البلدين في الرباط، حيث تم الاتفاق على خطة عمل تمتد لثلاث سنوات تتضمن إجراء الدراسات الفنية والمالية الخاصة بالنفق.

يُتوقع أن يمتد النفق البحري المُخطط له على مسافة 38.5 كيلومترًا، منها 27.7 كيلومترًا تحت البحر، ليربط بين “بونتا بالوما” بالقرب من مدينة طريفة الإسبانية ومدينة طنجة المغربية. وسيساهم هذا النفق في تسهيل الحركة بين الضفتين الأوروبية والأفريقية، بما يعزز التبادل التجاري والسياحي بين البلدين، ويُقلص زمن السفر بين المدينتين إلى نحو خمس ساعات ونصف فقط، بدلاً من 12 ساعة حاليًا باستخدام السيارة والعبّارة.

يُتوقع أن يكون للنفق البحري تأثير اقتصادي كبير على المغرب وعلى علاقاته مع الاتحاد الأوروبي بشكل خاص. فبالإضافة إلى تسهيل حركة النقل والمواصلات، سيشكل المشروع محورًا مهمًا لتوسيع التعاون التجاري والسياحي بين المغرب وإسبانيا، وسيعزز جاذبية المغرب كحلقة وصل بين القارتين. كما سيعزز المشروع النمو الاقتصادي ويُسهم في تطوير بنية تحتية حديثة في المنطقة.

ويُعد هذا النفق بمثابة نافذة جديدة للفرص التجارية، إذ من المتوقع أن يُسهم في زيادة حركة البضائع بين الضفتين، فضلًا عن تعزيز السياحة التي قد تستفيد من سهولة الوصول بين البلدين.

يمثل مشروع النفق البحري خطوة حيوية نحو تعزيز التكامل الإقليمي في منطقة البحر الأبيض المتوسط. ومن المتوقع أن يسهم المشروع في تقوية العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي، ويُفتح أمام الأطراف المعنية آفاقًا جديدة للتعاون في مجالات الطاقة، النقل، والاقتصاد. كما يُعتبر المشروع رمزًا جديدًا للتعاون المشترك بين دول حوض البحر الأبيض المتوسط، حيث يُظهر التزام هذه الدول بتحقيق التنمية المستدامة ورفع مستوى التبادل الاقتصادي والاجتماعي.

في ضوء التطورات الأخيرة، تقدر التقارير أن فرصة تنفيذ المشروع حاليًا تصل إلى 3 من أصل 5، وهو ما يعكس تفاؤلاً حذرًا بشأن تقدّم المشروع. وعلى الرغم من العقبات الفنية والمالية التي قد تواجه المشروع، إلا أن التحضيرات تسير في الاتجاه الصحيح، مما يعزز التفاؤل بإمكانية الانتهاء من المشروع في الوقت المحدد.

videossloader مشاهدة المزيد ←