الدكتور بنطلحة يكتب: الذكاء الاصطناعي.. كابوس جزائري

الدكتور بنطلحة يكتب: الذكاء الاصطناعي.. كابوس جزائري

د. محمد بنطلحة الدكالي – مدير المركز الوطني للدراسات والابحاث حول الصحراء

مع التطور السريع لتكنولوجيا المعلومات عرف مفهوم القوة العسكرية والنفوذ الدولي تغيرا كبيرا نتيجة التغير الجذري في الأداء الاستراتيجي للدول الكبرى التي بدأت تعتمد بشكل كبير على الحروب الافتراضية السيبرانية معيارا للتفوق وعنصرا فعالا وداعما لأمن الدول.

بعض الكيانات التي تخلت عن هذا الركب تحاول جاهدة أن تدفع إلى منع إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي لأغراض عسكرية بحجة أنه ينتهك القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.

رجاء لا تستغربوا.. من يعطي الدروس القانونية والإنسانية في هذا المجال هو ممثل للنظام العسكري الجزائري الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك عمار بن جامع، حيث أنه وفي إحاطة رفيعة المستوى لمجلس الأمن الدولي حول الذكاء الاصطناعي صرح: «الأوان قد آن من أجل وضع إطار ملزم يمنع سوء استخدام الذكاء الاصطناعي العسكري بما ينتهك القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني».

وزاد بن جامع قائلا: «القانون الدولي ليس اختياريا في هذا المجال الجديد، فميثاق الأمم المتحدة ومبادئ العمل الإنساني وحقوق الإنسان ليست اقتراحات، بل هي لاتزال الأساس لأي تطبيق عسكري للذكاء الاصطناعي».

ولأن الموضوع أصبح يقض مضجع القوة الضاربة، حيث يؤخذ الكلام من سياقه.. تابع بن جامع قائلا: «يمكن أن نترك الذكاء الاصطناعي لأنه يسبب كوابيس أمنية»..!

نعم دولة الكراغلة العظمى تعيش كابوسا مرعبا، لقد تخلوا عن الركب حين أنفقوا جل عائدات البترول في شراء سلاح الخردة.

الجزائر التي تؤكد على لسان توفيق حكار الرئيس التنفيذي لشركة سوناطراك الجزائرية للطاقة، أن إيراداتها من النفط والغاز في الأشهر الأولى من عام 2023 بلغت 21 مليار دولار، رفعت إنفاقها العسكري على سلاح الخردة بنسبة 76 في المائة خلال عام 2023 ليصل إلى18,3 مليار دولار، ما وضع البلاد التي تعيش أزمة طوابير في المرتبة الثالثة بين الدول الأكثر إنفاقا على الجانب الدفاعي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وفقا لبيانات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.

النظام العسكري الدموي الذي يتمسح بالقانون الدولي الإنساني، يحتجز آلاف المضطهدين في مخيمات تندوف ويسلح الأطفال والنساء المغلوبات على أمرهن ويبذر ملايير الدولارات على مرتزقة البوليساريو ويمول كل الكيانات الانفصالية والإرهابية في دول المنطقة.

النظام العسكري الفاشي الذي يتلذذ بخرق قواعد القانون الدولي، حاول أن يستعرض قوته العسكرية البالية في استعراض عسكري يدعو إلى المسخرة جندت له كل الأبواق الإعلامية (تابعين جيلالة بالنافخ)، وقد تناسى نظام العجائز أن مفهوم القوة العسكرية تغير كثيرا نتيجة التغيير الجذري في الأداء الاستراتيجي للدول الكبرى التي بدأت تعتمد بشكل كبير على الحروب السيبرانية الافتراضية لأن هجمات الفضاء السيبراني أصبحت معيار التفوق وعنصرا فعالا وداعما لأمن الدول وحماية مصالحها الاستراتيجية.

إنها ليست حربا تدور رحاها على أرض المعركة بواسطة مدافع الحرب العالمية الثانية كما أظهرتم في عرضكم العسكري التافه، إنها حروب صامتة بلا ضجيج تعتمد على الاستراتيجيات العسكرية.

لقد دفع هذا الواقع الجديد إلى مطالبة مجموعة من الدول بعقد اتفاقيات دولية للحد من التسلح داخل الفضاء الإلكتروني من أجل وضع قيود على الحروب الإلكترونية.

يقول «صن تزو» الاستراتيجي العسكري الصيني في كتابه «فن الحرب»: إن أعظم انتصار هو الذي لا يحتاج إلى معركة.

المغرب، الدولة الأمة، توجه فعلا إلى تطوير صناعات عسكرية مثل المسيرات ومعدات الحرب الإلكترونية، وبالمناسبة أعلنت شركة «أيرو درايف» المغربية عن نجاح أول تجربة لطائرة «أطلس» بدون طيار المصممة للمهام العسكرية.

التفوق العسكري المغربي لا يحتاج كما أشار «صن تزو» إلى ربح معركة بقدر ما يؤكد طموح المملكة الشريفة أن تصبح رائدا إقليميا في مجال الصناعة العسكرية لتعزيز الاستقلالية في مجال الدفاع وتحقيق السيادة الدفاعية في ظل التحولات الجيوسياسية الإقليمية والدولية.

بقي أن أشير إلى أن المغرب ينهج استراتيجية قوامها ضمان الشفافية ونزاهة القرارات المتخذة في إطار معايير أخلاقية واضحة لمنع استخدام غير مسؤول لهذه التكنولوجيا.

وإلى أن تستفيق يا سيد بن جامع من خيالات كابوسك أنت وأزلامك، دعني أقول لك:

لقد رحل القطار.. سلاما.. سلاما…

videossloader مشاهدة المزيد ←