على النقيض من ذلك، القرارات الارتجالية دائما ما تكون عشوائية لأنها لا تبنى على دراسة وأسس علمية حيث يغيب النضج وتسود العشوائية والتهور والمزاجية في اتخاذ القرارات، وهذا ما نستشفه من القرارات الارتجالية التي طبعت النظام العسكري الجزائري، حيث دولة اللامؤسسات.
لقد تابع المجتمع الدولي تصريحات وزير الخارجية أحمد عطاف، الذي دعا، في القمة العربية الإسلامية بالسعودية، إلى «فرض عقوبات اقتصادية على إسرائيل»، وبعد ذلك تراجعت الخارجية الجزائرية في بيان عن هذه التصريحات، متهمة صحفا خاصة في البلاد بنشر ما لم يقله الوزير (رغم أن تسجيل الخطاب بثته كل قنوات العالم) مما يعكس حالة التخبط والعشوائية التي يعرفها النظام الجزائري على مستوى قراراته الخارجية. والجدير بالذكر أن وزير الخارجية الجزائري كان قد تلى رسالة تبون أمام القادة العرب، داعيا وملحا على فرض حظر عسكري ودبلوماسي واقتصادي على إسرائيل.
ومن المهازل الدولية أن النظام العسكري الجزائري سبق أن تراجع عن فرض وقف إطلاق النار في غزة بمجلس الأمن الدولي، ويتعلق ذلك بمشروع قرار صاغته الجزائر وقامت بإرساله إلى الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن, ويطالب المشروع الذي صاغته «القوة الضاربة» باعتبارها دولة مكلفة نيابة عن الأعضاء العشرة غير الدائمين في مجلس الأمن في فقرته الأولى بوقف إطلاق النار الفوري وغير المشروط في غزة، لكن، فجأة ودون مقدمات، قامت القوة المضروبة وفرائصها ترتعد بإزالة الفصل السابع من مسودتها أمام استغراب أعضاء مجلس الأمن غير الدائمين الذين شددوا على منطوق الفصل السابع كما صيغ في الأصل دون تقديم أي تنازلات أو تخفيف من محتواه.
ومن المضحكات المبكيات أن الشركات الإسبانية عادت إلى الجزائر على الرغم من القرارات العنترية الفارغة للنظام العسكري الجزائري التي حاولت من خلالها الضغط على إسبانيا للتراجع عن موقفها الداعم لمغربية الصحراء.
لقد أشارت صحيفة «هيرالدو» الإسبانية إلى أنه، على سبيل المثال، قد عادت شركتين إسبانيتين إلى الجزائر، الأولى هي شركة «Saica» المتخصصة في صناعة الورق والتغليف، والثانية تعمل في مجال الكيميائيات والصناعات التحويلية، رغم أن النظام العسكري الجزائري قد قرر في يونيو 2022 تعليق العلاقات التجارية مع إسبانيا!
ولأن المغفل يلدغ من الجرح مرتين بل ومرات ومرات… هاهو نظام القوة الضاربة الذي يجر أذيال الخيبة والهزيمة بعد اعتراف فرنسا بخطة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية يقول في بيان لخارجية المدعو عطاف، الذي تلصق به عنوة كل الأقاويل الكاذبة، إن «الحكومة الجزائرية تستخلص كافة النتائج والعواقب التي تنجر عن هذا القرار الفرنسي وتحمل الحكومة الفرنسية وحدها المسؤولية الكاملة والتامة عن ذلك»!
لقد سبق للرئيس تبون أن اقترح على ماكرون تشكيل لجنة مؤرخين تتولى معالجة ملف الذاكرة (تداعيات الاستعمار)، ورغم تشكيل اللجنة المكونة من خمسة مؤرخين من كلا البلدين، إلا أن تبون لم يذهب إلى باريس… لعله يتهيأ لاستقبال جماجم في حفل تنكري بئيس عنوانه العريض» لن نذهب إلى كانوسا».
ترى أي القرارات سيتخذها النظام العسكري الجزائري مستقبلا؟
العالم ينتظر بل ويضع يده على قلبه خوفا وتأهبا، بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب تعيين ماركو روبيو وزيرا للخارجية، كيف ستكون قرارات الكراغلة، «القوة الضاربة»، في الكواكب والمحيطات!؟
من المعلوم أن ماركو روبيو معروف بمواقفه الصارمة تجاه الأنظمة التي يعتبرها معادية للديمقراطية أو داعمة لسياسات تهدد الاستقرار الإقليمي، لقد سبق له أن وصف الجزائر كونها تمارس «التضييق على الحريات» وتدعم «سياسات خارجية غير مستقرة»، بل أكثر من هذا، لقد قاد سابقا السناتور ماركو مهمة حشد مجموعة من السيناتورات للتوقيع على عارضة تطالب الحكومة الأمريكية بتطبيق عقوبات على النظام الجزائري بسبب شرائه أسلحة روسية بمليارات الدولارات في إطار ما اعتبره تسابق نحو التسلح يهدد المنطقة في شمال إفريقيا واستقرار الدول.
واليوم، «القوة الضاربة» تتمادى في شراء أسلحة الخردة بمليارات الدولارات رغم أنف الشعب المغلوب على أمره… والقرارات تنزل اعتباطا… و… قرار الليل يمحوه قرار النهار …!