الدكتور العياشي الفرفار يكتب: الجزائر ولعبة الاطفال
د. العياشي الفرفار – استاذ جامعي
ونحن صغار؛ كنا نلعب كما يلعب الكبار، العابنا لا تشبه العاب أبناء المدينة.
كان وقت اللعب ضيقا. هو الوقت المتبقي من وقت المدرسة ووقت الحقل؛ العابنا كانت بسيطة مثل واقعنا؛ وكانت عادية وملونة بلون تراب قريتنا البسيطة، كل شئ يسير ببطء مثل احلامنا.
كنا نحلم بكرة بلاستيكية بدرهين ونصف، كنا نلعب ونحن خائفين على اي اصدام تكون الكرة ضحيته، نلعب بحذر الحفاظ على سلامة الكرة اهم من تسجيل الاهداف او حتى تحقيق الفوز، كرة بثلاث دراهم علمتنا دروسا اعمق ان نخاف على ما نملك، واجمل ما نملك دولة حامية للحدود.
كنا نجلس نتفرج في ابناء الدوار الكبار يلعبون، كنا نتسابق فقط من أجل لمسها، تقبيلها، وارجاعها للملعب.
رحال ولد عمي وعمر الغابيري والشلامين رحمه الله وعبد اللطيف الغابيري وعبد الرحمان العسري وغيرهم من أبناء بلادي الذين كانوا يلعبون، يفرحون، يتعانقون بعد نهاية كل مباراة.
كان الغبار يتطاير، وكأن الملعب حلبة سباق الخيول. أبناء بلدي كانوا اصحاء اقوياء لكن طيبيين للغاية.
في المساء كنا نتحلق حول عبد الله الغابيري الذي مات مقتولا بمدينة تيفلت، و تلك حكاية حزينة يتذكرها كل سكان الدوار.
اتذكر ذهبت إلى هناك لارجاع الجثة، ودفنه في مقبرتنا سيدي مالك كان يوما عصيبا،. حيت راقني في رحلة طويلة الموظف الجماعي الإنسان الخلوق سي عبد الله عبيد والذي مازالت استحي منه كنا نساعد بعضنا البعض في سياقة سيارة الإسعاف الجماعية.
كان عبد الله رحمة الله يجيد فن الحكي، وكان شغوفا بالافلام الهندية.
كان عبد الله هو وسيط بيننا وبين المدينة، كنا نتخيل المدينة عبر حكاياته الجميلة حيت متعة الكلام، تشويق الحكايات وحبكة الأفلام النهاية وانتظار النهاية حيت ينتصر على الأشرار.
صوت الأذان يصل إلينا بطيئا هو ما يعني نهاية الحلقة حيت ضرورة العودة إلى المنزل لان كل تأخير يعني ان الباب لن يفتح.
اما الاغاني التي كنا نرددها فحسب كل مناسبة، ومن الأغاني الجميلة التي كنا ترددها بشغف، حين نعود من المدرسة وبعد ان نضع محافظنا، وناخذ مطيشة وتقسيمها ووضع بعض الملح عليها لزيادة في لذة المذاق، واخد كسرة خير باليد الأخرى. ونخرج لكي نغني ونردد:
مطيشة بلا ملحة الجزائر خاصتها دبحة.
مطيشة بلا ملحة
الجزائر خاصها دبحة
لما كبرت لم يتغير طعم الطماطم، ولم تتغير الجزائر في كرهها لشعب المغرب.
كبرنا ولم تكبر الجزائر.
واليوم اجد فكرة الفيلسوف نتشه ان الحقيقة يملكها الاطفال حين تحدث عن مسارات تطورها: جمل – اسد وطفل كاعلى درجات القوة لان الجمل يتحمل والاسد يفتك لكن الطفل يلهو بالاشياء فكانت قوتنا حين حولنا الجزائر الى لعبة واغنية.
اليوم درس نتشه مازال حاضرا لاننا كبرنا والجزائر لم تتغير.
ومعه يصبح الامل هو اسوأ الشرور لانه يطيل عمر معاناتنا مع جار حاقد.