الدكتور بنطلحة يكتب “الدخان والمرايا” ويعري تناقضات خطاب تبون حول إسرائيل

الدكتور بنطلحة يكتب “الدخان والمرايا” ويعري تناقضات خطاب تبون حول إسرائيل

د. محمد بنطلحة الدكالي – مدير المركز الوطني للدراسات والابحاث

“الدخان والمرايا” (Smoke and Mirrors) تعبير يستخدم للإشارة إلى الحيل التي تهدف إلى إخفاء الحقيقة من خلال تشتيت الانتباه أو التضليل، وهو يهدف إلى تشكيل الوعي العام وتحويل الوهم إلى واقع حقيقي معتمدا على ضجة إعلامية حول أفكار غير قابلة للتنفيذ.

خارج المجال السياسي، يرتبط مصطلح “الدخان والمرايا” عادة بالألعاب السحرية، حيث يحتاج السحرة، خاصة المبتدئين، إلى الكثير من الدخان والمرايا لتشتيت انتباه الجمهور ومنعهم من اكتشاف الحيل السحرية التي تعرض على السيرك.

ولأن السحر أنواع؛ هناك من ارتدى قناع “الدون كيشوت” وبدأ يصارع طواحين الهواء.

كلنا يتذكر تصريح الرئيس تبون بأنه ينوي دخول غزة فاتحا لو أن مصر تركته يعبر إلى هناك بجنوده…! وأنه مع فلسطين ظالمة أو مظلومة، وأن مسار التطبيع بمثابة هرولة مرفوضة، مذكرا بمواقف الجزائر الثابتة والدائمة من القضية الفلسطينية، كما شدد على ضرورة محاسبة إسرائيل على جرائم الإبادة والحرب والجرائم ضد الإنسانية التي مافتئت تقترفها في حق الشعب الفلسطيني. وفي حوار تلفزيوني (أكتوبر 2020) صرح تبون بأن “هناك نوعا من الهرولة للتطبيع، ونحن لن نباركها، والقضية الفلسطينية بالنسبة لنا ستظل قضية مقدسة”.

في ظل هذا الدخان الديماغوجي والإعلامي الرهيب القادم من بلاد “مكة الثوار”، تطالعنا جريدة “الشروق”، التي تقدم نفسها أنها صوت الشهداء والمجاهدين، بمقال يحمل عنوان: “الجزائر وأمريكا: ماهي خلفيات المسار الجديد؟” ينم عن استعداد الجزائر للتعاون غير الاندماجي مع الولايات المتحدة الأمريكية والانخراط في مشروع أمريكا ورؤيتها للعالم، مذكرا-صاحب المقال-بالنسبة للقضية الفلسطينية بأن: “توجهات الجزائر في هذه القضية ليست بالضرورة توجهات مندمجة أو منصهرة مع استراتيجيات بعض المحاور في الشرق الأوسط، وهي ليست بالضرورة توجهات مناهضة أو معادية لأمريكا، وأيضا هي ليست توجهات ترفض بالضرورة الحلول السلمية، وبهذه الرؤية الأشمل يمكن فهم موقف الجزائر مع فهم أيضا وجهة نظر الولايات المتحدة الأمريكية”.

إذا كانت الكرة الأرضية تدور، ها هو اليوم في الجزائر الكل يدور؛ الأحزاب السياسية المناضلة تدور، النظام العسكري يدور، والشعب من كثرة الخداع البصري الناتج عن الدخان المبثوث يدور. وفي معمعة الدوران خرج كبيرهم الذي علمهم سحر “الدخان والمرايا” في حواره مع جريدة “لوبينيون” يقول بأن “الجزائر ستكون على استعداد لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل في اليوم الذي ستكون فيه دولة فلسطينية كاملة”، وهو في ذلك يوجه رسالة ضمنية إلى من يهمهم الأمر، وعن سؤال للجريدة حول ملف غزة التي يقول دونالد ترامب إنه يريد تطهيرها من ساكنتها، أجاب زعيم بلاد الشهداء أن “التعبير مؤسف” وأن “تعبير السيد ترامب في روحه لا يعني الفلسطينيين”.

ولأن الكل يدور وأرض الشهداء تدوووور.. نجد أن بيانات وزارة الخارجية الجزائرية ووسائل الإعلام الرسمية أصبحت في الآونة الأخيرة تردد دون تحفظ عبارة “إسرائيل” بدل “الكيان الإسرائيلي”. لقد نادى المنادي أن الخداع البصري الناتج عن الدخان المبثوث في سيرك السياسة يظل دخانا وسرابا مهما حشد له كبيرهم من مرايا تخدع الواقع لأنه لا يصح إلا الصحيح.. والأيام بيننا.

videossloader مشاهدة المزيد ←