تميزت سنة 2024 التي تشرف على توديعنا خلال الأيام القليلة المقبلة، برحيل قامات فنية كبيرة إلى دار البقاء.
في بداية السنة الجارية، توفي الفنان بوجمعة أوجود الشهير بلقب “باعزيزي”، بعد صراع مع المرض في إحدى المصحات الخاصة بالدار البيضاء.
وكان باعزيزي يمر من أزمة صحية حرجة جدا، استدعت نقله إلى إحدى المصحات الخاصة بمدينة الدار البيضاء التي فارق فيها الحياة.
وولد الراحل بالمدينة القديمة بالدار البيضاء، سنة 1940، ولج عالم المسرح من خلال الاشتغال مع البشير لعج وبوشعيب البيضاوي وعبد الرحمان الصويري، وجسد في فترة شبابه أدوارا فكاهية أمام الملك الراحل محمد الخامس.
وفي فبراير الماضي، توفي الفنان المغربي عمر الشريف داخل منزله بمدينة الدار البيضاء.
ويعد الراحل عمر شريف من ألمع نجوم الأغنية المغربية، وحقق شهرة واسعة من خلال الحضور في السهرات الفنية والمهرجانات، وإحياء الأعراس والمناسبات المختلفة.
وبسبب أزمة قلبية مفاجئة، غادرنا العندليب الجديد إلى دار البقاء، في سن 52 سنة، ساعات قليلة قبل إحيائه حفلاً فنياً بالدار البيضاء.
وكان الراحل قد تعرّض لأزمة قلبية، تم على إثرها نقله في وضعية صحية حرجة إلى إحدى المصحات بمدينة الدار البيضاء.
وتميز أسلوب شريف الغنائي بالمدرسة الطربية، وكرس مشواره في إعادة إحياء جزء كبير ومهم من العصر الذهبي للأغنية المصرية، أبرزها أغاني عبد الحليم حافظ وأم كلثوم.
وعرفت هذه السنة رحيل الفنانة المراكشية، السعدية اللوك، بعد صراع طويل مع المرض دام أزيد من سنتين.
وكانت الراحلة السعدية اللوك، تعيش أزمة صحية حادة، جعلتها طريحة الفراش وفي وضعية مزرية منذ مدة طويلة، وسط ظروف مادية خانقة لا تسمح لها بتلقي العلاجات الضرورية.
واشتهرت اللوك بتجسيدها لأدوار المرأة المراكشية الشعبية، بلكنتها وعصاميتها، بالإضافة إلى ظهورها في مجموعة من الأعمال رفقة الممثل عبد الله فركوس، والفنانة فضيلة بنموسى.
فقدت الساحة الفنية المغربية خلال هذه السنة أيضا، الممثل المغربي مصطفى الداسوكين، الذي رحل إلى دار البقاء بعد صراع مع المرض.
ويعتبر الراحل من أبرز الفنانين المغاربة الذين بصموا على مشوار فني مميز أغنى الخزينة الثقافية المغربية، حيث تألق خلال مشاركته في أعمال فنية عدة، زاوج من خلالها بين المسرح والسينما والتلفزيون.
والداسوكين من مواليد 14 يوليو 1942 بالدار البيضاء، ويعتبر من بين أفضل الممثلين المغاربة، حيث حظي بمسيرة فنية طويلة استغرقت أربعة عقود من العطاء والجهد، شارك خلالها في عدد من الأفلام والمسلسلات بالإضافة للعديد من الأعمال الفكاهية.
وقدم الراحل ثنائيا كوميديا شهيرا مع زميله الفنان مصطفى الزعري، الذي توفي كذلك بعد معاناة طويلة مع مرض السرطان.
وكون الزعري مع الداسوكين، ثنائيا ساخرا سطع نجمه خلال الثمانينيات، وكانت انطلاقته بمسرحية “النواقسية” مع عبد القادر البدوي، وهو أول عمل جمع الثنائي الزعري والداسوكين في المسرح، وقُدِّم مباشرة على شاشة التلفزة المغربية في 1967.
وتنقل بعد ذلك الراحل بخفة بين الخشبة والتلفزيون والسينما ومن مسرحية “النواقسية” بدأت انطلاقته الفنية، وتوالت الأعمال بـ”بنت الحراز”، “حلوف كرموس”، “العائلة المثقفة”، و”دابا تجي دابا”.
وفي التلفزيون، شارك في أعمال كثيرة، منها “ستة من ستين”، و”بيوت من نار” و”سعدي ببناتي”.
وفي مجال السينما، شارك في العديد من الأفلام المغربية والأجنبية منها “الطفولة المغتصبة” و”الرسالة”، مكنه اشتغاله في المحافظة العامة والتنسيق بين الإدارة وقسم الإنتاج من اكتساب تجارب مهمة، من خلال تعلمه مهنة التمثيل، ومشاهدة تجارب المخرجين الأجانب وعلاقاتهم مع الممثلين عن قرب.
وفي أكتوبر الماضي، فجع المغاربة برحيل الفنانة القديرة نعيمة المشرقي، بعد 50 سنة من العطاء ورصيد غني من الأعمال الخالدة.
وإلى جانب الفن، كانت المشرقي سفيرة للنوايا الحسنة لدى منظمة الأمم المتحدة للطفولة، كما شغلت منصب مستشارة للمرصد الوطني لحقوق الطفل.
ونعيمة المشرقي، من مواليد سنة 1943، بمدينة الدار البيضاء، شاركت في عدة أفلام ومسلسلات، مثل “علال القلدة”، و”تسقط الخيل تباعا”، وغيرها.
وأبانت الراحلة عن موهبة متميزة في المسرح من خلال عدة مسرحيات مع أشهر الفرق المسرحية بالمملكة، كما حصلت خلال مهرجان الإذاعات العربية بالقاهرة سنة 1998 على جائزة أحسن أداء صوتي في مسلسل “أمينة”.
دأبت الفنانة نعيمة المشرقي، ابتداء من 1964، بالظهور على شاشة التلفزة من خلال البرامج والمسلسلات.
قامت بأداء أول دور نسائي في سلسلة “عائلة رام دام”، كما سطع نجمها في السينما بالمشاركة في أزيد من 20 فيلما مطولا إيطاليا و فرنسيا، فضلا عن العديد من الأفلام القصيرة والمطولة المغربية مثل “عرس الدم”، “فاتن”، “معركة الملوك الثلاثة”، “لالة حبي” و”زقاق السنونو”.
كما فقدت الساحة الفنية المغربية، في أواخر هذه السنة الفنان محمد الخلفي، عن عمر يناهز 87 عامًا، بعد صراع طويل مع المرض.
وبرحيله، يُسدل الستار على مسيرة فنية استثنائية امتدت لعقود، ترك خلالها إرثًا غنيًا ومتنوعًا في مجالات المسرح، التلفزيون، والسينما.
انطلقت مسيرة الخلفي في ستينيات القرن الماضي، ليصبح لاحقًا واحدًا من أبرز أعمدة الدراما المغربية.
وتميّز بتقديم أدوار تنبض بالواقعية والعمق، وكان حضوره اللامع في السلسلة الشهيرة “لالة فاطمة” شاهدًا على موهبته وقدرته على ملامسة قلوب المغاربة.
ويُعد الراحل رمزًا فنيًا ساهم في تشكيل ملامح الفن المغربي لعقود طويلة، مُخلّفًا بصمة لا تُنسى في الذاكرة الجماعية.
برحيل محمد الخلفي، يفقد المغرب قامة فنية كبيرة ساهمت في إغناء المشهد الثقافي الوطني وإلهام الأجيال القادمة.