الدكتور بنطلحة يبرز دلالات دعوة فصائل من الحزب الحاكم بجنوب إفريقيا إلى تحسين العلاقات مع المغرب
دعت فصائل داخل حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم في جنوب إفريقيا إلى تعزيز العلاقات مع المغرب، مشددة في مذكرة رفعتها لأمانة الحزب بجوهانسبرغ على أهمية الاعتراف بالدعم الكبير الذي قدمه المغرب في مكافحة الميز العنصري، وأشارت المذكرة إلى أن المغرب لعب دورا رياديا في دعم نضال الحزب ورموزه، بما في ذلك نيلسون مانديلا، الذي تلقى إلى جانب عناصر من حزب المؤتمر وجيش التحرير الجزائري تدريبا عسكريا في المغرب قبل استقلال الجزائر، وهو دعم أكد مانديلا أهميته في خطاباته وكتاباته.
وحول هذا الموضوع، تحدث الخبير السياسي محمد بنطلحة الدكالي، في تصريح لموقع “برلمان.كوم”، عن العلاقات المغربية-الجنوب إفريقية، وسلط الضوء على تعقيدات هذا الملف، لا سيما في ظل استمرار جنوب إفريقيا في اتخاذ مواقف معادية لوحدة المغرب الترابية.
ويأتي هذا في سياق تاريخي غني ومليء بالتغيرات في العلاقات بين البلدين منذ ستينيات القرن الماضي، حيث دعمت المملكة المغربية نضال نيلسون مانديلا وحركة التحرير الجنوب إفريقية ماديا وبالسلاح، قبل أن تعرف العلاقات فتورا ملحوظا بدءا من عام 2002، عندما قررت جنوب إفريقيا الاصطفاف إلى جانب الجزائر في ملف الصحراء المغربية.
دوافع الموقف الجنوب إفريقي
أشار بنطلحة إلى أن الموقف الجنوب إفريقي يتجاوز البعد السياسي، إذ يرتبط برغبة هذا البلد في تعزيز نفوذه داخل القارة الإفريقية، ومنافسة الدول الرائدة مثل المغرب، ويُعتبر المغرب نموذجا للاستقرار السياسي والتنمية المستدامة، وهو ما عزز مكانته كفاعل رئيسي في إفريقيا، خاصة بعد عودته إلى الاتحاد الإفريقي عام 2017، وهو الأمر الذي أثار حفيظة بعض الدول التي ترى في هذا النجاح تهديدًا لطموحاتها الجيوسياسية.
وأضاف الخبير أن جنوب إفريقيا استغلت دعمها لجبهة البوليساريو كوسيلة لتعزيز علاقاتها مع الجزائر، وهو تحالف قائم على المصالح المشتركة، خاصة فيما يتعلق بالهيمنة الإقليمية واستغلال موارد القارة. ومع ذلك، فإن هذا الموقف الجنوب إفريقي لا يعكس بالإجماع مواقف كل الفصائل داخل الحزب الحاكم أو المجتمع السياسي هناك، حيث تتعالى أصوات تطالب بإعادة النظر في العلاقات مع المغرب.
إمكانيات إصلاح العلاقات
أكد بنطلحة أن السياسة والدبلوماسية تظل مجالا للفرص المبدعة والقرارات الشجاعة، في هذا السياق، ودعا إلى اعتماد حلول مستلهمة من الماضي لتجاوز العقبات الحالية، مشددا على أن المغرب، الذي كان دوما داعما لحركات التحرير في إفريقيا، يمكنه بناء شراكات جديدة مع الفاعلين السياسيين في جنوب إفريقيا ممن يطالبون بدعم وحدة المملكة الترابية.
ويبدو أن العلاقات بين المغرب وجنوب إفريقيا تقف عند مفترق طرق، حيث تتطلب إرادة سياسية قوية ورؤية مستقبلية لإعادة بناء الثقة بين البلدين، وتصريح محمد بنطلحة الدكالي يثير آفاقًا للتفكير في كيفية تحويل العداء إلى شراكة مثمرة تخدم مصالح البلدين، وتعزز الاستقرار والوحدة داخل القارة الإفريقية.