أراء | السبت 23 مايو 2015 - 09:52

أُنْصُر أخاك خاطِباً أو مَخطوباً

  • Whatsapp


بصراحة حاولتُ جاهدا أن أبتعد عن الخوض في ما باتَ يُعرف إعلاميا بزواج “الكوبل” الحكومي، والمقصود طبعا بات معروفا لدى القاصي والداني وأصبحتْ القصة الغرامية إياها لا تحتمل إعادة ترديد الحزب الحاكم لنظرية التآمر والمؤامرة لا من طرف الجنس البشري ولا غيرهم من المخلوقات غير المرئية كالعفاريت، ولذلك كان العقاب الذي لا مؤخّر له من طرف “كبيرهم” وتم إجبار “بَطلي” القصة على وضع مفاتيح الوزارتين في تصرفه قبل أن ينقلهما “زعيم” الحزب ورئيس الحكومة إلى الديوان الملكي، فقُضي الأمر الذي فيه تحابّا وتخاطبَا !

إعراضي عن الخوض في الموضوع ليس من باب أن المسألة شخصية كما أراد البعض أن يروج لها، ومن هؤلاء للأسف حتى بعض المناضلين الحقوقيين الذين جعلهم إيمانهم القوي بمسألة الحريات، يعميهم للنظر إلى أن الأمر يتعلق بوزيرين أي مسؤولين ساميين يمثلان بلدا صار يُضرب به المثل، ليس إقليميا وحسب ولكن حتى عالميا، ونموذجا يُحتذى في مسألة تكييف الضرورات والمسلمات الدينية بواقعنا المعاش، بدءا من فرض شروط موضوعية ومنطقية على التعدد في الزواج، إلى تقنين إجراء عمليات الإجهاض (كما تم أخيرا)، ومرورا بمنح الجنسية للأبناء لِأم مغربية في الزواج المختلط !

فقد تحاشيت الخوض في هذا الموضوع الشخصي الذي يهُم الشأن العام فقط حتى لا أبدو في نظر بعض مناضلي الحزب الحاكم، ومنهم أصدقاء وأساتذة لي أحترمهم وأقدرهم، بأني أتحامل على حزبهم كثيرا كما اتهموني لاسيما أن القضية اختلط فيها الشخصي بالعمومي؛ غير أن واقع الأمر بات لا يطاق أمام تهافُت فريق من هذا الحزب على تدوير وتحوير وتعويم النقاش أملا في إيجاد مخرج مشرف –في رأيهم- للمتحابَّين في الله وفي الحكومة، أو رغبة في الخروج من هذه المعركة التي بدا “زعيمهم” فيها لا قِبل له بمواجهتها وهو الفصيح الجهبذُ الذي لا يُشق له غبار في معارك الخصام السياسي مع شباط ولشكر والعماري !

وإذا كان يُحسب للسيد الأمين العام للحزب ورئيس الحكومة أنه كشّر عن أنيابه وحتى نواجذه هذه المرة ليس ضد الخصوم السياسيين ولكن في وجه أعضاء حزبه وحكومته غير مُتهِم –ربما لأول مرة- لا العفاريت ولا المشوشين من بني آدم فيما لحقه من “أذى”، مخاطبا إياهم بضرورة تحمل المسؤولية في هذا المصاب الجلل الذي ضرب تجربته الحكومية الفتية في مقتل، إلا أن ما يؤاخذ على حامل “المصباح” هو عدم تماديه في تنبيه أعضاء الحزب وحضهم على قراءة نقدية للذات بعد كل هذا الحيز الزمني الذي قضوه في الحكم، وإرشادهم بالتالي إلى أن الخطاب المغلف بالدين والقائم على ادعاء الطهرانية في مواجهة الآخرين، ما عاد يجدي نفعا بعد تفجّر القصة الغرامية إياها التي أماطت اللثام عن أشياء كثيرة تُعتمل في البيت الداخلي !

لو كان السيد عبد الإله بنكيران جادا وصارما وحازما فيما زعمه من غضب لأوقف مهزلة بلاغ الأمانة العامة الذي حبكته إقامة حي الليمون بالرباط، معتبرة على لسان الأمين العام للحزب أن استقالة (إبعاد) الوزيرين المغرمين جاءت “تقديرا منهما لِما تقتضيه المصلحة العامة للبلاد وتجربتها الإصلاحية، ومن أجل وضع حد للتشويش السخيف عليها” !

أرأيتم.. إنها نظرية المؤامرة التي تؤطر خطاب “إخواننا” في علاقتهم بإخوانهم، أي نحن إذا كانوا يقبلون طبعا، والتي تجعل من حزب يقود ائتلافا حكوميا لا يميز تحت وطأتها (المؤامرة) بين مصلحة البلاد وبين مصلحة غرامية لعضوين حكوميين أعطيا الأولوية -حتى لا نقول فضّلا- مصلحة شخصية على المصالح العليا لهذه البلاد التي يتباكى عليها بلاغ أمانة الحزب !

وأَرَأيتُم كيف أن تصرّف وزيرين بَالِغين عاقِلين بالَغا في حُبهما المتبادل دون مراعاة حساسية موقعيهما في الحكومة ولا حتى حساسية مرجعيتهما التي يقيمون الدنيا عليها ويقعدونها والقائمة على التحفظ والاقتصاد والعفة، يصبح (التصرف) بقدرة قادر مرتبطا بالمشوشين، وكأن هؤلاء حضروا لخطبة الوزير للوزيرة (السابقين) أو أن الأخيرَين أخذوا رأي هؤلاء قبل إقدامهما على ذاك العشق المباح –على كل حال- !

ولو كان السيد بنكيران راغبا في طي هذه الصفحة الملطخة بغير قليل من طيش المراهقة، لأوقف مهزلة هذه القوافل الآدمية التي باتت تأمُّ بيتي كل من الوزيرين المقالين من الحكومة، من باب التضامن معهما، ولسان حال هؤلاء يقول “إننا كَالبيت المرصوص حتى ولو جئنا بكبيرة”؛ وإنها لكبيرة حقّا تصبح تلك التي يُسر على إثرها طليقُ الوزيرة إلى مقربين منه بكون الوزير العاشق والمعشوق قد “ذبحه”.. ولعُمري إنهم بأفعالهم هاته لا أراهم إلا يمعنون في ذبح هذا المسكين !

في جملة أراها مفيدة أقول أن تسمية فضيحة زواج حكومي بين “هذا” و”هذه” المنتميين لـ”هذا” الحزب، وبـ”هذه” الطريقة وفي “هذه” المرحلة الحاسمة من تاريخ البلاد، تُسمى كذِبا ونفاقا وبُهتانا وهروبا إلى الأمام لن يزيد وليمة العُرس ذاك إلا حُموضة !

[email protected]