أراء | السبت 14 فبراير 2015 - 12:38

العاديلي”الفنان المراكشي الشامخ” من ملحمة خيام الصحراء إلى غرفة العمليات “وحيدا”

  • Whatsapp

العاديلي

بدر الدين اوسليم – مراكش

أتذكر اليوم كل تلك الدروس التي تلقيتها عن طريق قناتينا أو أمواج الإذاعات وبعض الصحف كما في فصول الدراسة حول الوطن والمواطنة… دروس جعلتني أحلم بوطن رأيته خارج غرفتي جميلا و خلف أسوار مؤسساتي التعليمية التي مررت منها… حلمت بوطن يحترم مواطنيه، بتوفير حد أدنى من شروط العيش التي أبدا لن يختلف حولها اثنان… حلمت بوطن فسيح حنون يحتضن كل مكوناته ضاربا يحنان حضن تقسيمات حاولوا أن يبددوها بقولهم إنها فعل شنيع ارتكبته حقارة الآلة الاستعمارية (المغرب النافع و غير النافع،… الغني الفقير… وغيرها)، حلمت بوطن أجد فيه الكاتب رمزا له…أرى فيه الفنان المبدع على رأس هرم التقسيم الاجتماعي…

لكن وا أسفاه كم كانت صدمتي قوية حين بدأ وعيي في الحضور و تنبيهي ببعض الوقائع التي كذبتها كثيرا من قبل مستحضرا في ذلك حلمي بالوطن و كل تلك الشعارات التي رسخوها في ذهني… هكذا ترحمت على بيير بورديو وتلوت على روحه جملته العميقة “المدرسة أداة لإعادة إنتاج المجتمع” حتى يبقى الوضع على ما هو عليه لصالحهم –و هم هنا تجمع كل أولئك الذين نعرفهم جيدا-…
لصوص كبار و فاسدين –إلا قلة قليلة من باب تفادي التعميم- تبادرك بشكل يومي لتستظهر جملا كررتها لعقود أمامنا مناشدة بمحاربة الفساد… هم علية القوم الذين استحوذوا على الوطن وقتلوا أحلام البسطاء مثلي… وفي القعر تصادف أدمغة و كفاءات و فنانين يموتون الواحد تلو الآخر إما في حضن المتوسط غرقا أو على فراش اهترأ من معاناتهم…

هو ذا حال المخرج المسرحي و الشاعر و الفنان عبد العزيز العديلي… حالة جديدة تجعلني أكتب عن نفس الموضوع مرة أخرى…
هذا الفنان المراكشي الأصيل يرقد اليوم بإحدى مصحات المدينة الحمراء بعد إجراء عملية جراحية على القلب عقب تعرضه لأزمة مفاجئة و هو يمارس مهامه كفنان في مراحل متقدمة من الإعداد لملحمة وطنية بعنوان : “خيام الصحراء المغربية ملحمة عرش و رعية”.

و في دردشة هاتفية مع ابنه عبد اللطيف العديلي مؤلف العمل المذكور قال و في نفسه كثير من المرارة: “ما ز في النفس هو تنكر الجميع دون استثناء لهذا الرجل و تناسيهم كل ما أعطى في سبيل الدفع بالفن المراكشي…” متسائلا عن سبب اختفاء النقابيين المسرحيين و ممثلي وزارة الثقافة و فعاليات المجتمع المدني و زملاء الأمس الذين كان لعبد العزيز الفضل الكبير على بعضهم في تلقي أبجديات الفن قبل تسلق درجاته…

و أضاف عبد اللطيف: “نحن لا نطلب الصدقة من أحد رغم أن تكلفة العملية التي ناهزت 10 ملايين سنتيم فوق طاقتنا، إنما نحن هنا نطمع فقط في تلك الالتفاتة الرمزية لهيئات و جهات و أشخاص كان من المفروض أن يعبئوا كل طاقاتهم في سبيل خدمة قضية والدي الذي هو واحد من مئات الفنانين الذين يعانون مثله، رغم أن واجبهم يحتم عليهم الالتزام فعليا بكل الشعارات التي يظلون يرددونها في كل حين و مكان”.

تجدر الإشارة إلى أن عبد العزيز العديلي رئيس جمعية البعد الفني للسينما و المسرح و الثراث المغربي، كانت له إسهامات عديدة في الحقل الثقافي و الفني من خلال مسرحيات و كتابات…
ختاما ليس بوسعنا سوى الدعاء له بالشفاء العاجل و العودة السريعة لفنه و متابعيه، و الدعاء أيضا لشفاء الفن من أمراضه بشرية كانت أم مؤسساتية…