اخبار جهة مراكش | الثلاثاء 18 نوفمبر 2014 - 10:22

شيشاوة مدينة قبلة الحمقى والمتخلى عنهم والمسؤولين لا يحركون ساكنا

  • Whatsapp

مختل

صورة لمختل عقلي أصيب بكسور في حادثة سير بسيدي المختار وفرار الفاعل، حيث بقي مرميا بالمستشفى لمدة فاقت الأسبوع دون عناية

توفيق عطيفي – شيشاوة

تعتبر ظاهرة انتشار المختلين عقليا والمتشردين في عدد من مناطق إقليم شيشاوة، ولاسيما بمدينة شيشاوة وامنتانوت وسيدي المختار، ظاهرة مسيئة لصورة الإقليم من جهة، وخطرا على سلامة المواطنين مستعملي المجال العام ووصمة عار على جبين المؤسسات الاجتماعية بالإقليم وآفة ماسة بكرامة الإنسان وحقوقه.

“شيشاوة الآن” تعالج الظاهرة من حيث استفحالها بالإقليم، حيث تتناقل وسائل الإعلام المحلية والوطنية معاناة هذه الشريحة بالإقليم كان آخرها المختل العقلي الذي لفظ أنفاسه الأخيرة بجماعة اهديل بداية الشهر الجاري بعدما دهسته سيارة من نوع “مرسيديس”.
لقد سار الشارع الشيشاوي في الآونة الأخيرة أسطولا ومحطة لذوي الأمراض العقلية، هذه الشريحة الاجتماعية التي يتم ترحيلها من المدن الكبرى المجاورة للإقليم بالعشرات من المواطنين والمواطنات من هذه الفئة التي خانتها الذاكرة والمجتمع أكثر.
ففي الوقت الذي يعتبر فيه الطب النفسي هؤلاء المواطنين مرضى عقليا ونفسيا، مما يعني من الناحية السيكولوجية أن حالاتهم قابلة للعلاج إن اعتمدت المقاربة الإنسانية النفسية في التعاطي مع وضعياتهم، نجد المجتمع بكل بنياته يعامل هذه الفئة بتهميش ونبذ قاسيين. لعل ما يقابل هذا الكلام في الواقع هو زيارة محطة السيارات الكبرى والمركب التجاري للمدينة التي باتت قبلة لهذه الفئة.
أية رؤية حقوقية للمختلين عقليا؟
إذا كان مؤشر حقوق الإنسان اليوم لدى المنتظم الدولي واحد من الآليات المعتمدة لتصنيف الدول حقوقيا فالمبادئ الكونية لحقوق الإنسان، كما أقرتها المواثيق الدولية تؤكد، من منطلق مبادئ السلم والعدالة الاجتماعية وكرامة الشخص البشري وقيمته، على ضرورة حماية حقوق ذوي العاهات البدنية والعقلية وتأمين العيش الكريم لهم وإعادة تأهيلهم نفسيا واجتماعيا، مما يفرض على الدولة مساعدة الأشخاص المتخلفين عقليا على إنماء قدراتهم في مختلف ميادين الحياة وتسهيل اندماجهم في الحياة الاجتماعية.
فالحماية القانونية للأشخاص الذين يعانون من أمراض عقلية على الصعيد الوطني تعود إلى بداية القرن العشرين، حيث طبق المغرب منذ سنة 1912 سياسة للصحة العقلية إبان فترة الاستعمار الفرنسي، وبعد الاستقلال صادق المغرب على ظهير 30 أبريل 1959 ثم على ظهير 21 ماي 1974، كما صدرت دورية وزارة الصحة بنفس السنة المتعلقة بلامركزية المساعدة النفسية بخلق 10 مناطق، وتم تبني البرنامج الوطني للصحة العقلية بهيكلته سنة 1993، بالإضافة إلى العديد من المقتضيات على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي وكذا الإداري. وعلى الصعيد الدولي، صدر الإعلان الخاص بحقوق المتخلفين عقليا في 20 دجنبر 1971 والإعلان الخاص بحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة في 9 دجنبر 1975، وتم اعتماد مبادئ حماية الأشخاص المصابين بمرض عقلي في 17 دجنبر 1991.
كل هذه المبادئ تقضي بضرورة رعاية هذه الفئة الاجتماعية والعناية بالصحة العقلية للمواطنين، كما تلح على الحق في الرعاية والعلاج الطبيين المناسبين، وعلى الحق في التعليم والتدريب والتأهيل والتوجيه، بهدف إنماء قدرات وطاقات المختلين عقليا ونفسيا، وحق هذه الفئة المجتمعية في التمتع بالأمن الاقتصادي، والحق في العمل المنتج ومزاولة أية مهنة تضمن الكرامة والاحساس بالمسؤولية.
المجتمع المدني يدق ناقوس الخطر بشيشاوة لمواجهة ظاهرة المرضى العقليين؟
يقر عدد من الفاعلين المهتمين بالعمل الجمعوي ل”مراكش الآن” افتقار الإقليم لمؤسسات الرعاية ومستشفى خاص بذوي الأمراض العقلية، ذات الفاعلين أكدوا قلة الجمعيات، التي تنشط في هذا المجال في الإقليم وعموم المغرب، فاستقبال المشردين والمختلين عقليا في ظروف إنسانية وإيواؤهم وعلاجهم يعتبر إشكالا يصعب حله، وأضحى التعامل مع الحالات الوافدة خاصة بمدينة شيشاوة ومركز سيدي المختار عبارة عن مبادرات فردية وخيرية لمواجهة الظاهرة، حيث تبقى إمكانياتها محدودة في الوقت الذي نجد فيه تدخلات السلطات المحلية موسمية وغير مستدامة على حد تعبير أحد رؤساء الجمعيات بالمدينة.
فيما أكد أحد الحقوقيين بمدينة امنتانوت، أن المدينة تعرف توافد العشرات من المرضى العقليين أسبوعيا ويعيشون على التسول بأحياء المدينة، وأضاف أن عددا منهم يضايقون المواطنين بالشارع العام كلما ازدادت نوباتهم حدة جراء قلة العناية والمتابعة الصحية المركزة والملائمة إلى درجة أنها تشكل خطورة على محيطهم الاجتماعي .
مي زهرة… المرأة التي قادها الحمق الى صقيع شيشاوة، مي الزهرة …الشجرة التي تخفي الغابة
قليل هم الذين لا يعرفون “مي زهرة” المرأة الأربعينية التي قضت شتاء السنة الماضية بتجزئة النصر بشيشاوة بشارع محمد السادس، حيث تظل طيلة النهار واقفة وهي تتواجد في وضعيات مخلة يتضايق منها العشرات من المواطنين والمواطنات. وتلحف “مي زهرة” ثيابا رثة تكشف مناطق حساسة من جسدها الذي تنفث منه رائحة كريهة كلما مررت بها. وكلما هم النهار على الرحيل تجدها امام محل لبيع لحوم الدواجن، حيث يسمح لها صاحب المحل التجاري بالجلوس امام بوابة محله مفترشة “الكارطون” وما جادت به محسنة من أغطية بسيطة.