اخبار جهة مراكش | الثلاثاء 11 ديسمبر 2018 - 13:12

الدكتور العلمي الإدريسي من كلية الحقوق بمراكش: “المواطنة في حاجة للتحرر من الانتماء الجغرافي والمسطري إلى العالمية”

  • Whatsapp

توفيق عطيفي – مراكش الآن
في بادرة علمية هي الأولى من نوعها نظم طلبة الفصل الأول لمسلك القانون بالعربية وحدة المدخل إلى علم السياسة ومختبر الأبحاث القانونية وتحليل السياسات، ندوة علمية تحت عنوان: “الدولة المواطنة والتنمية في سياق متغير” بتأطير من أساتذة مختصين في علم السياسة يتقدمهم الدكتور رشيد العلمي الإدريسي، الدكتور عبد المالك الوزاني والدكتور محمد الغالي، وذلك بمدرج المختار السوسي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش.
“مراكش الآن”، حضرت مجريات هذه الندوة العلمية التي بسط فيها كل محاضر تصوره للثلاثي: الدولة، المواطنة والتنمية من زاوية معرفية وعلمية بين مؤصل للمفاهيم وباحث في بداياتها ومقارب لها من الناحية الدستورية.
قال الدكتور العلمي الإدريسي في مداخلته العلمية المعنونة ب: “المواطنة في مسارات مختلفة” أن تفكيك العلاقة المتوثرة بين مفاهيم عدة من قبيل الديموقراطية، الليبرالية، والحاجة لتوضيح بدايات المفهومين، لا يمكن أن يتحقق إلا باعتماد المنهج التاريخي الجدلي، حيث أن المواطنة كمفهوم ارتبطت بأثينا وهو وليد التجلي الأول المحدد في الديموقراطية من جهة وكونها تشكل قطيعة مع الماضي الأروستقراطي وثورة على الامتيازات التي عرفتها البيئة اليونانية كما تعني أيضا المشاركة والتعبير عن السيادة الشعبية باعتبار المواطن هو من يشارك في صناعة القرار السياسي.
وفي تحليله للسياقات السياسية التي شكلت مهدا للمواطنة ولمجموعة من المفاهيم المركزية داخل علم السياسة، أوضح الدكتور العلمي الإدريسي، أن السياسة خرجت للشارع الأثيني وأصبحت شأنا عاما وولدت معها كتلة مفاهيمية: السيادة الشعبية، الديموقراطية، المساواة، العدالة، وما أعقبها من ظهور لفكر جديد ومغاير للديموقراطية ولمعنى المواطنة، حيث فصلت هذه الأخيرة عن الانتمائية لجغرافية المدينة أو الإقليم، موضحا أن هذا الاتجاه نادى بالمواطنة العابرة للحدود، وواصل تقعيده الكرونولوجي للمفهوم إلى العصر الوسيط، الذي شكل لحظة يقول الدكتور العلمي الإدريسي، اختفاء وانقراض لهذه الكتلة المفاهيمية الخاصة بالمواطنة لتبرز من جديد لكن ليس في البيئة الإسلامية، بالنظر لكون هذه الأخيرة لم تكن فيها الفلسفة مرتبطة بطبقات اجتماعية صاعدة كفلسفة الأنوار التي كانت صوتا للبرجوازية الصاعدة وثقافة عضوية مرتبطة بناشئة صاعدة، على خلاف الفلسفة الإسلامية التي لم يكن لها أي سند اجتماعي وأن الفكر الديموقراطي لم يراد له الوصول إلى البيئة العربية الإسلامية.
وقال نفس المتحدث أن المواطنة اليوم أصبحت مقزمة وأختزلت في جوانبها المسطرية، والتي باتت تعني فقط اختيار النخب، مشيرا إلى أن الثورة الفرنسية في بداياتها تبنت الفكر الليبرالي وكان لحظتها دخيلا عن الفكر الديموقراطي، مشددا أن القرن 19 كان قرنا للثورات والحركات الثورية والنقابات، والذي شكل أيضا قرنا حاسما في الصراع بين المفاهيم المحددة لليبرالية والمفاهيم الديموقراطية التي تتحدث عن المواطنة الحذرة والمتيقظة، وقال:”بعد الحرب العالمية الثانية سيبرز من جديد حرب المفاهيم عبر نظريات قالت بأن الديموقراطية هي طريقة اختيار الحكام وهي وسيلة محايدة سياسيا، عملية إجرائية لاختيار الحاكم الكفء، والكفاءة”.
وأردف أن هذا الصراع الطويل بين مفاهيم الديموقراطية والليبرالية، انتهى لصالح هذه الأخيرة، مما قاد البعض إلى تبني أطروحة نهاية التاريخ وفوز الليبرالية باعتبارها أنهت السياسة وبدأت تؤسس للمجتمعات التوافقية للحد الذي أمكن معه الجزم بنهاية السياسة، مستحضرا المفكر “جان كرونسييج” وقوله بأن “السياسة نصيب من لا نصيب له”، باعتبارها نصيبا للضعفاء والمهمشين في هذا العصر الذي تزايدت فيه مظاهر الفقر والتهميش وما لازم ذلك من ميلاد لحركات راديكالية مثل “البوديموس” باسبانيا وتيارات أوروبة داعية لعولمة بديلة.
وفي تفاعله مع أسئلة المتدخلين واستفساراتهم في الفترة المخصصة للنقاش والتفاعل، عاد الدكتور العلمي الإدريسي إلى الفكر العربي الإسلامي، حيث وقف عند مفكري النهضة: رفعة الطهطاوي، عبد الرحمان الكواكبي وجمال الدين الأفغاني، الذين اعتبرهم مفكري القطيعة مع الفكر الإسلامي المؤسس والمبني على الخلافة الإسلامية، وأن هذه الحركة التنويرية العربية خاصة رفعة الطهطاوي وعبد الرحمان الكواكبي يشكلان اتجاها ليبراليا من داخل الفكر الإسلامي وهو ما شكل منعطفا يحتاج من الدارسين لهذا الفكر تأمله فيما شكل جمال الدين الأفغاني فكرا ديموقراطيا وفقا لتعبير الدكتور الإدريسي.