اخبار جهة مراكش | الجمعة 9 نوفمبر 2018 - 22:18

سمير أيت أومغار ولوبنى زبير يتعقبان أثر المباني الأثرية التاريخية المجهولة والمنسية في حاضرة مراكش

  • Whatsapp

ضمن سلسلة مراكشيات، وبدعم من وزارة الثقافة، صدر حديثا عن مؤسسة آفاق للدراسات والنشر والاتصال الجزء الأول من سلسلة ذاكرة أماكن تحت عنوان “معالم تاريخية من مدينة مراكش” للباحثين الأستاذ سمير أيت أومغار ولوبنى زبير.

الكتاب عبارة عن دليل أولي لتسليط الضوء على عدد من المباني الأثرية التاريخية التي لم تحظ بنفس الاهتمام الذي حظيت به المعالم الأثرية الكبرى بالمدينة، ما جعلها عرضة للإهمال، ومن ثم اندثر بعضها، وأكثرها اليوم هو عرضة للعبث والانهيار. وهي معالم تاريخية مغيبة عن المدار السياحي بالمدينة، كما أن البحث والتأليف لم يولها عناية تذكر.  

يقول الباحثان في مستهل كتابهما موضحين أسباب تأليف هذا الكتاب “… لقد اخترنا في هذا الدليل الأولي، التركيز على المباني الأثرية والتاريخية المجهولة أو المنسية أو غير المعروفة بشكل جيد، حتى ننبه الجمهور والمتخصصين في التاريخ وإدارة الموارد التراثية والمسؤولين في وزارة الثقافة والاتصال ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ومجلس جهة مراكش آسفي وبلدية مراكش وبقية المؤسسات المعنية، بضرورة الاعتناء بها وترميمها واستثمارها كمورد غير متجدد في السياحة والتنشيط الثقافي. لهذا بات من الضروري اليوم إعادة النظر في توزيع الموارد المالية المخصصة لتهيئة وترميم المباني التاريخية والأثرية بمراكش. فبدل توجيهها لعدد محدود من المباني التاريخية الكبرى الذائعة الصيت وطنيا ودوليا، يجب الالتفات للمباني الأخرى التي لا تتطلب موارد مالية وأشغالا تقنية كبيرة. وخير نموذج على ذلك الزاوية السمرقندية المؤسسة في القرن 14م بحومة سيدي عبد العزيز التباع. فهي عبارة عن بيت صغير جدا، يحوي لوحة رخامية نقشت زمن حُكم السلطان المريني المستنصر بالله أبو العباس أحمد بن أبي سالم، تتضمن النص التأسيسي للزاوية. إلا أن انتهاك حرمة هذه البناية من طرف المتشردين، بات يعرضها للخطر، ولاقتلاع اللوحة الرخامية من مكانها كما وقع في السابق بمقبرة الأشراف السعديين في القصبة وقبة الأشراف في ضريح سيدي بن سليمان الجزولي. كما أن أضرحة توفي أصحابها في العهدين المرابطي والموحدي باتت مهددة بخطر الانهيار، كما هو الحال بالنسبة لضريح أبو إسحاق بن الحاج السُّلمي البَلَّفيقيّ. ولنا أن نضيف لهذه القائمة بقايا الصومعة المرابطية لمسجد ابن يوسف، وفندق بوبكر الغنجاوي، وسوق العبيد، وفابريكة الحبة.. وغيرها كثير.

إنه دليل ونداء في الآن نفسه، للتدخل بشكل مستعجل لوقف نزيف تراث مدينة مراكش، فهو قضية الجميع”.

وقد قدم لهذا الكتاب الأستاذ الباحث عز الدين كرا، المدير الجهوي للثقافة بمراكش أسفي، موضحا بدوره بعض أسباب تأليف هذا الكتاب، وأهمية  صدوره في هذا الظرف الذي تعرف فيه مدينة مراكش تحولات متسارعة تؤثر في النسيج العمراني للمدينة. وقد أثنى على الباحثين ونوه بمنهجيتهما العلمية، وأسلوبهما السلس في عرض المعلومات والمصادر بطريقة يمكن لباحثين آخرين استثمارها وتطويرها.

يقول الأستاذ عز الدين كرا في تقديمه لهذا الكتاب:”يأتي هذا الكتاب استجابة لحاجة أضحت ملحة لكشف مكنوزات الحاضرة المراكشية التي قلما يتم الانتباه إليها، وقد كان لي شرف اقتراح فكرة الاشتغال على هذا الموضوع، لما لمست من خصاص كبير وشح في المعلومات حول أماكن ومواضع كثيرا ما تحدثت عنها الكتابات التاريخية وذكرها بإعجاب زوار وأبناء مراكش، غير أن اندراس بعضها واختفاء البعض الآخر جراء التحولات المتسارعة التي يعرفها النسيج العتيق لهذه المدينة، جعل معظمها عرضة للنسيان والإهمال أحيانا. ويمكن القول أيضا أن وجود معالم تاريخية ذات إشعاع تاريخي وحضاري وازن، كثيرا ما حجب الاهتمام عن معالم أخرى قد تقل جودة من الناحية المعمارية، لكنها لا تقل من حيث القيمة التاريخية أو الدلالة الرمزية. وقد لاقى اهتمامي هذا تجاوب باحثين جادين من أبناء مدينة مراكش، يجمعهما شغف اكتشاف أسرار تاريخ المدينة، برؤية تدمج بين القراءة الذكية للنصوص والتحري الميداني. يتعلق الأمر بالأستاذ سمير أيت أومغار والأستاذة لوبنى زبير، وهما باحثان ينتميان لشعبة التاريخ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش. وقد صيغ الكتاب بأسلوب سلس ومبسط يهدف الرصد والتوثيق، دون التخلي عن الضوابط المنهجية والإحاطة البيبليوغرافية. أما من حيث المضمون، فقد تم التطرق لشواهد مختلفة انطلاقا من المنشآت الجنائزية والدينية إلى المنشآت الاقتصادية مرورا بالأحياء والدور والمارستان. وهي محاولة جادة لإحاطة شمولية بمختلف المعالم التي قلما انصب عليها الاهتمام  بهذه المدينة العاصمة.

ويمكن القول إجمالا أن هذا الكتاب يفتح أفقا مميزا لأبحاث ودراسات مماثلة يمكن أن تغوص في استنطاق المخلفات والمعالم المنتشرة بين الدور والحومات وسط نسيج مدينة مراكش، فكل الأسوار والأحجار بهذه المدينة تفصح بقوة وجلاء عن حكايات العابرين بين طيات زمن هذه المدينة العريق والممتد”.

يُقدَّم هذا المُؤلَّفُ / الدَّليلُ، تعريفا مفصلا ب 25 معلما من معالم مدينة مراكش الثانوية، تبتدئ بضريح سيدي ميمون وتنتهي بالزاوية التجانية النظيفية. وهكذا يعرف بضريح ابن العريف ومقبرة حومة الكتبيين،مقبرة باب أغمات، مقبرة تامراكشت وجبانة الشيوخ، ضريح ابن برجان، الصومعة المرابطية لمسجد ابن يوسف، ضريح أبي إسحاق البلفيقي، مسجد القطة، زاوية عمر السمرقندي، مسجد ابن صالح ومرافقه، قبة الأشراف السعديين بضريح سيدي بن سليمان الجزولي، المارستان السعدي، دار المصلوحيين، مسجد باب دكالة ومرافقه، مسجد الأشراف بالمواسين ومرافقه، حومة روض الزيتون، الزاوية البوعمرية، مخزن الحبوب بجنان العافية، فبريكة الحبة، فبريكة السكر بأكدال البراني، سوق العبيد، دار القائد ماكلين، فندق مولاي بوبكر الغنجاوي، الزاوية التجانية النظيفية.

وأهم ما ميز عمل هذين الباحثين، هو أنهما أرفقا تعريف كل معلم من هذه المعالم بيبلوغرافيا منتقاة باللغتين العربية والفرنسية، يمكن لأي باحث أن يعود إليها للتوسع في الاطلاع.