اخبار جهة مراكش | الأربعاء 17 أكتوبر 2018 - 17:17

التشكيلية لبابة لعلج تعرض” بزوغ غرائبي” بالصويرة

  • Whatsapp

يتواصل معرض الفنانة التشكيلية المغربية لبابة لعلج، برواق الطيب لعلج بدارالصويري إلى 20 أكتوبر الجاري.
وقالت لبابة إن معرضها الفردي بمدينة الصويرة استثنائي، ليس فقط من خلال ما قدمته من أعمال، وإنما لطبيعة مدينة الرياح التي تشكل حسب رؤيتها “ملتقى الثقافات والحضارات، فهي مدينة تاريخية للبحارة والصيادين. إنها مدينة الفنانين بامتياز. هذه المدينة الهادئة والمطمئنة، مدينة قبائل الشياظمة الركراكة العرب شمالا، وحاحا الأمازيغ جنوبا”. وأضافت لبابة أن الصويرة مشهورة برمزها صقر إليونور، المعروف بتعايشه العالمي، إذ يذكرنا بأن الحدود مفهوم إنساني. هو الذي لا يعترضه عائق، ويحلق فوق المدينة، ويحميها كما أصبح صنفها المحمي، يجذب العالم بإسره إلى مهرجان كناوة، حيث يحمل معلمو هذا النمط الفني نوطتهم الملونة، وأبرزت “أن المدينة فتحت لها أبوابها، وأنا أمنحها قلب اعترافي، سأعرض في رحابها ما بين 13 و20 أكتوبر 2018 لوحات مرحلتي الغرائبية من أجل مدينة غرائبية حتى النخاع”.
جماليا أثار منجز الفنانة التشكيلية لبابة لعلج حفيظة الكثير من النقاد الجماليين، ونكفي أن نذكر في هذا الباب، بالناقد بنيونس عميروش، الذي خصها بمقال تحت عنوان “تعمير غنائي” أبرز فيه أن الفنانة لبابة “تجمع بين بساطة الرسم وتلقائية التلوين وما يتبعهما من تعبئة تركيبية تتمثل في الرموز والأشكال والشخوص الهلامية والتوليفات المادية، نلامس تلك الروح الأنثوية التي تحكي ذاتها وهواجسها، ليس بالتصويرLa peinture كفعل في حد ذاته، بل بإصرار عصامي على جعل العناصر في وضع ملحمي متحرك ومتوهج، يروم مساءلة الذات، فيما ينشد محاورة الآخر، ضمن رغبة أنثوية أكيدة في التجويد والتهذيب والتجميل، لكن في مأمن عن محو طاقة الفطرة التي تجهر بها المفردات المُفرَغَة من صرامة التقعيد”، في حين يرى إدريس كثير، مفكر وباحث جمالي، أن
“الجسد الأنثوي مستقل بالتمام بل هو أس الحياة والحيوية . لننظر إلى اللوحات التالية : المرأة فوق الحصان، و المرأة ثمانية مارس، و المرأة الجذمور متاهات الأمعاء … المرأة الحروفية… كلها لوحات تدل على الأصل، على هيولى الأسطقسات و رحم البدايات. وتعبر ثانيا عن جمالية هذا الجسد في تفاصيله، و تباشيره، و أطرافه ، وملامحه وأردافه . هناك تقليد عريض عارم دفعنا إلى بخس هذا الجسد وهذه التفاصيل باسم الخطيئة و الفتنة و الرذيلة ”
ومن زاوية النقد، أيضا، كتب الناقد الجمالي، عزالدين بوركة أن لبابة لا ترسم ما تراه وما تبصره، أي أنها لا تحاكي العالم أو تنقله، بل إنها تخلق عالمها الخاص، ذلك العالم الذي تسرد، والسرد هنا عبر الصورة التي يخبرنا عنها جوليان غريماس أنها “كل دال”. إذ غدت “الصورة كتابة في اللحظة التي تكون فيها دالة. إنها مثل الكتابة تدعو إلى حكم القوة” (رولان بارت “بلاغة الصورة”). تكمن دلالة الصورة عند لعلج في كونها لا تدل على واقع بصري ومرئي، بل إنها دال على اللامرئي من حيث هو منبع “الانفعال الجمالي”، الذي على العمل أن يذهب إليه.
من جهة أخرى كتب الدكتور، إشعاب بوسرغين، أن أعمال لبابة معزوفات لحرقة الهمس تحت رداء القدر، منظومة متكاملة ينصهر فيها الإنسان بالزمان والمكان ، والمادي باللا مادي ، لتفسح المجال للحركية والشموخ والرضوخ معا عبر أحاسيس صادمة قوية ولحظية ربما مؤلمة انتابت الفنانة لحظة انكسار، أهو سهو أو وعي مبتور مقهور غالبا ما يكون ذكرى أليمة …هي تعب الروح الضائعة في شرايين الإبداع الموشومة بأدق اللوينات على ذاكرة القماش الأبيض ، هي الزفرة الحارقة للجسد الأنثوي العاري المتمرد والرافض لكل القيود التي يفرضها المجتمع عبر القضبان المقيدة لحريتها كإنسانة لها شعور وإحساس.
من جانبه سلط الناقد الفني والجمالي، إبراهيم الحيسن، الضوء على التجربة التصويرية للفنانة التشكيلية لبابة لعلج بقوله إن الاتجاه الفني الذي تنتمي إليه الفنانة لبابة يتجذر في تاريخ الفن كحركة أطلق عليها اسم “كوبرا” كانت أعلنت عصيانها وتمرُّدها ضِدَّ كل منحى مدرسي، اتجاه يمتد لحركات فنية مماثلة أبرزها “هوست” في الدنمارك، “السورياليون الجدد” في بلجيكا، و”روفليكس” في هولندا…إلخ. يجعلنا هذا الانتماء الإبداعي نقرأ لوحات الفنان لبابة السردية الأقرب إلى المنمنمات والرسوم التصغيرية ونقارب اختياراتها اللونية العاكسة لرؤيتها وفهمها للأشياء المحيطة بها. إنها تجسيد خالص لإحساساتها وشاعريتها التي تحيا وتعيش وسط تطبيقات قزحية تبرز دلالة الأشياء المرسومة: نسوة يتبادلن أحاديث يومية، نخلات باسقات، مفردات هندسية، كائنات عجائبية متخيَّلة…إلى جانب تكوينات خطية وحروفية تشتغل داخل مساحات واسعة في بعض اللوحات التي يتعاقب فيها السواد والبياض…
ففي صياغتها لهذه اللوحات والتصاوير، يلحظ المتلقي بأن هذه الرسامة الحالمة ترسم ببساطة لونية يتوحد فيها المكان والزمان، وتعتمد على رمزية اللون وبلاغة الشكل، بجانب توظيفات رمزية أخرى شملت الكائنات الآدمية والفضاءات المعمارية التي تجري بداخلها وقائع أسطورية وكأنها من خلالها تريد أن تروي لنا ما تبقى وترسَّخ في ذاكرتها من حكايات ومرويات وقرت في مخيِّلتها منذ أن كانت طفلة صغيرة مسكونة بمتعة المسرودات والقصص الشعبي.