اخبار جهة مراكش | الثلاثاء 22 مايو 2018 - 13:27

الدكتور الغالي يفكك مدى قانونية قرار توقيف مجلس جهة كلميم واد نون في ارتباطه بعامل تحقيق المصلحة العامة

  • Whatsapp

توفيق عطيفي – مراكش الآن
في أول قراءة تحليلية وتأصيلية لقرار وزير الداخلية عبد الواحد الفتيت القاضي بالتوقيف المؤقت لعمل مجلس جهة كلميم واد النون الذي يترأسه التجمعي عبد الرحيم بنبوعيدة، وما رافق ذلك من جدل سياسي وقانوني، قال الدكتور محمد الغالي أستاذ العلوم السياسية والمختص في تحليل السياسات العمومية، أن توزيع و إسناد الاختصاصات من خلال الهندسة الدستورية للسياسات العمومية، تجعل الجماعات الترابية ملزمة باحترام السياسات الشمولية التي تضعها الدولة وعلى رأسها الحكومة واحترام كل المبادئ الناظمة للتدخل العمومي وفي صدارتها ضمان مبدأ الاستمرارية والدوام للمرافق العمومية ومبدأ الفعالية والنجاعة ومبدأ الإنصاف والمساواة بما هي مبادئ تلتقي وتتعاضد في تحقيق هدف المصلحة العامة.
وبخصوص ماهية الإجراءات التأديبية التي يمكن اللجوء إليها من قبل السلطتين التنفيذية والقضائية في حالة حصول ما يخل بقيام المجالس المنتخبة بمهامها، أوضح الدكتور الغالي، أن هذه الإجراءات تقع في ثلاثة صيغ: التوقيف؛ العزل والحل، حيث الأول يفتقر لأي نص صريح يحدد الجهة المخول لها اتخاذ هذا الإجراء سواء جهة الرقابة الإدارية أو جهة الرقابة القضائية، مستحضرا في محاولة للفهم المادة 44 من القانون التنظيمي 14/111: “كل إخلال بشكل متعمد بأحكام هذه المادة يوجب تطبيق الإجراءات التأديبية من عزل للأعضاء أو توقيف أو حل للمجلس المنصوص عليها، حسب الحالة، في المادتين 67 و76 من هذا القانون التنظيمي”، والتي استنتج من خلالها الإمكان القانوني لتوقيف المجلس دون تسمية الجهة المختصة مباشرة بذلك ومن دون تحديد مسطرة تحققه يقول نفس المتحدث، في تدوينة فايسبوكية لاقت تفاعلا واسعا في صفوف الباحثين الجامعيين والمختصين في السياسات العمومية والجهوية المتقدمة.
أما الإجراء الثاني والذي يخص “العزل”، فقد شدد الدكتور الغالي أن الجهة المخول لها قانونا ممارسة هذا الاختصاص هو القضاء وهو ما تشير إليه المواد: 11؛ 22 ؛44 ؛ 66؛ 67؛ 71 ؛ 74 من القانون السالف الذكر، وهو نفس الشيء بالنسبة لإجراء الحل وهو ما تؤكده عملية تحليل مختلف السياقات القانونية التي ورد فيها مصطلح الحل، المواد: 23؛ 44 ؛66 ؛ 74؛ 75؛ 76 ؛ 77؛ 78؛ 132؛ 147؛ 149 من ذات القانون. لينتقل رئيس شعبة القانون العام بجامعة القاضي عياض، إلى مساءلة إجراء التوقيف الذي وصفه “بإجراء مؤقت يتخذ من أجل تدارك وضعية قائمة تمس بالمصلحة العامة”، بعد الحسم في قضائية العزل كإجراء نهائي لإنهاء ممارسة مهام.
والحل بما هو إجراء نهائي لإنهاء ممارسة انتداب، ليقر أن سكوت المشرع عن الجهة التي يمكن أن يسند لها إجراء التوقيف يجعلنا أمام وضعيات نشير منها إلى ما يلي: “1) عدم ورود التقيد بتحديد المختص بالتوقيف يعني ضمنا عدم جعله اختصاصا محصورا على القضاء وتركه خاضعا لقواعد التدبير العام التي تجعل من الحكومة الراعي المباشر على تحقيق المصلحة العامة، وهذا يتماشى وطبيعة النظام الدستوري والسياسي المغربي الذي تتمتع فيه الحكومة بامتيازات تجعل منها صاحبة الصدارة في تحقيق المصلحة العامة. 2) تحليل مختلف السياقات القانونية التي ورد فيها مصطلح التوقيف يغلب حمولة كونه إجراءا مؤقتا مصاحبا لإجراء العزل أو إجراء الحل، وكونه وسيلة للتحكم في مخاطر اللجوء إليهما درءا لما يمكن أن يشل المرافق العمومية في أداء أدوارها. 3) نص مشروع القانون التنظيمي تحت رقم 14/111 صراحة في مادته 76 على ما يلي: إذا رفض المجلس القيام بالأعمال المنوطة به بمقتضى أحكام هذا القانون التنظيمي والقوانين والأنظمة الجاري بها العمل أو رفض التداول واتخاذ المقرر المتعلق بالميزانية أو بتدبير المرافق العمومية التابعة للجهة…. أمكن للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية اتخاذ أحد الإجراءين التاليين: 1) توقيف المجلس لمدة ثلاثة أشهر بقرار معلل ينشر بالجريدة الرسمية؛ 2) إحالة الأمر إلى المحكمة الإدارية من أجل حل المجلس … وحذفت هذه الصيغة الخاصة بعد المصادقة النهائية على هذا القانون وصدوره بالجريدة الرسمية لتحل محلها صيغ عامة لا تحدد بوضوح الجهة المختصة حصريا بالتوقيف كما حصل مع العزل والحل”.

وبعد التقعيد القانوني لهذه الإشكالية القانونية التي شكلت سابقة في بلادنا منذ دخول ورش الجهوية المتقدمة حيز التنفيذ، وقف الدكتور محمد الغالي عند ثلاث اعتبارات أساسيين لفهم دواعي لجوء السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية إلى التوقيف المباشر لمجلس جهة كلميم واد النون، أولهما كون العزل والحل ينهي المهام بشكل نهائي إن تم اعتمادهما من طرف السلطة المختصة، وهذا عكس التوقيف؛ فيما حدد الاعتبار الثاني في كون التوقيف يصدر عن جهة بصفتها سلطة إدارية يفتح الفرص أمام اللجوء إلى القضاء للطعن في قرار التوقيف إن كان هناك سبب موجب لذلك؛ وأخيرا “يترتب قانونا عن إجراءات إنهاء المهام توقيف الجهة المعنية مما يعني أن السلطة الحكومية ضمنيا تتوفر على سلاح التوقيف بمجرد التقدم بطلب إنهاء المهام بالنسبة لجهة معينة”.
وأنهى أستاذ السياسات العمومية بجامعة القاضي عياض، تفكيكه لإجراء وزارة الداخلية التوقيف المؤقت لمجلس جهة كلميم واد النون)، والذي اعتمد فيه على تقنية تحليل المضمون القانوني، بالتأكيد أن الجهات المتضررة والمعنية يمكنها التقدم لدى القضاء المختص الذي أوكل له الدستور كل الصلاحيات للعب دور الناظم لعمل السلطات، خدمة للتجربة الفتية لخيار الجهوية المتقدمة وما يعنيه ذلك من التحكم في كل التدفقات الزائدة في علاقة القانوني بالسياسي، التي باتت تهدد إعمال المصلحة العامة على حد تعبير الدكتور الغالي.