مجتمع | الأحد 12 فبراير 2017 - 08:54

تقديم كتاب عبد الواحد الراضي “المغرب الذي عشته”

  • Whatsapp
تم اليوم السبت 11 فبراير بالدار البيضاء، تقديم كتاب “المغرب الذي عشته” لعبد الواحد الراضي الرئيس الأسبق لمجلس النواب، وذلك على هامش الدورة الثالثة والعشرين للمعرض الدولي للنشر والكتاب الذي ينظم من 9 إلى 19 فبراير الجاري.
وفي مداخلة بالمناسبة، أكد عبد الواحد الراضي أن دواعي تأليفه هذا الكتاب تتمثل في الرغبة في إطلاع الأجيال المقبلة على تاريخ المغرب على مدى أزيد من ستين سنة المنصرمة، والنضال المرير الذي خاضه القادة الوطنيون من أجل الاستقلال والتحرر من نير الاستعمار والإسهام في بناء الديموقراطية والمساواة باعتبار أن السيرة الذاتية للمسؤولين تسهم في الثقافة العامة وتكوين المناضلين.
وفي هذا الصدد، أوضح الراضي (81 سنة)، أن جيل الرواد الذي يمثله المغقور له محمد الخامس وعلال الفاسي ومحمد بلحسن الوزاني في ثلاثينيات القرن الماضي قام بدوره في الإسهام في نشر الوعي بالوطنية والحرية والديموقراطية والمطالبة بإنهاء عهد الحماية، موضحا أن دور هذا الجيل هو دور التوعية والرفع من مستوى الوعي في أوساط الشعب المغربي بضرورة الاستقلال.
وأضاف أن جيل ولي العهد الأمير مولاي الحسن (المغفور له الحسن الثاني) والمهدي بن بركة وعبد الرحيم بوعبيد هندس للاستقلال وتفاوض من أجله، وواصل بعد حصول المغرب على استقلاله مسيرة العمل من أجل مغرب ديموقراطي وحداثي تسوده العدالة والحرية وكرامة الإنسان ، قبل أن يأتي جيله الذي شهد حصول المغرب على دستور ديموقراطي هو دسنور 2011، داعيا إلى إسهام الجيل الجديد في الإسهام في التطوير وتقوية المبادئ والقيم والأخلاق الديموقراطية.
وتابع الراضي قائلا إن من دواعي تأليف الكتاب أيضا ما لاحظه من عزوف الشباب عن خوص غمار السياسة، مؤكدا أن تركيزه على شخصيات سياسية مغربية قامت بأدوار مهمة في صياغة تاريخ المغرب الحديث من مواقع متعددة ومتباينة يهدف أساسا إلى بيان المستوى العالي من الصراع السياسي دون تنابز وانحطاط إلى مستوى متدن، مشيرا إلى أنه تبنى مقاربة بيداغوجية لأن “الشعب الذي يجهل ماضيه لا يمكنه أن يفهم حاضره من أجل بناء مستقبله ” حسب تعبير ونستون تشرشل.
وقال إن الكتاب يتغيى أيضا تصحيح بعض المغالطات التاريخية التي تدخل في مجال الحسابات السياسية الضيقة من قبيل اعتبار ما حصل في إكس ليبان مفاوضات فيما الصحيح أنها مباحثات واستماع، مع السعي لتوخي الموضوعية في عرض آراء الخصوم والإنصات إليها، وشدد أيضا على أن قوة الإرادة تؤدي إلى تحقيق الطموحات مهما كانت الصعاب.
من جهته، أبرز المؤرخ والديبلوماسي محمد الخصاصي، الذي رافق الراضي في العديد من محطاته المهنية والنضالية، في مداخلة، أن الكتاب، الذي يتضمن كما هائلا من المعلومات والمعارف في “موضوعية وتواضع وعفة”، يتطرق إلى حيثيات الحركة الوطنية، والاتحادية منها بالخصوص، مجملا المحصلة التي يصيغها الكتاب في ثلاثة روافع تتمثل في النضال والفكر والفضيلة.
وأوضح الخصاصي أن الرافعة الأولى تتمثل في كون الراضي يشكل نموذجا للأكاديمي المنشود ومثالا فكريا تنويريا، وتتمثل الرافعة الثانية في الإطلالات الثقافية والخواطر الفكرية التي تذكر بالإطار المرجعي والنظري المؤطر للمواقف والإنجازات، والرؤية الموضوعية التي تتجاوز النظرة الذاتية الضيقة، فيما تتمثل الرافعة الثالثة في “التزاوج النبيل” لدى الراضي بين الممارسة السياسية والقيم الأخلاقية.
ويتضمن الكتاب، الذي صدر عن المركز الثقافي للكتاب، تمهيدا واثنين وعشرين فصلا تطرقت على التوالي إلى الطفولة الأولى (من المدينة إلى البادية)، وطفولة ثانية في سلا خلال أربعينيات القرن الماضي، والتأطير الجمعوي، والحركة الوطنية المغربية من الكفاح الوحدوي إلى بداية التصدعات، والمرحلة الفرنسية مع التطرق إلى الأجواء الثقافية بفرنسا واستضافة جان بول سارتر مثلا، وعشر سنوات مع المهدي وطريق الوحدة برعاية المغفور له الملك محمد الخامس، وبرلماني سيدي سليمان (نصيبي من الألم)، ومعارضة برلمانية شرسة.
ويتطرق الكتاب أيضا إلى فصول الجريمة، ومغرب السبعينات، وعلال الفاسي، وتجربة الكاتب على رأس وزارة التعاون، والاتحاد العربي الإفريقي الذي شغل منصب أمينه العام، وعلاقته بالمغفور له الملك الحسن الثاني، والمؤتمر الخامس للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ورئاسة مجلس النواب، وتولي وزارة العدل والانخراط في المشروع الوطني لإصلاح القضاء، والعلاقة مع عبد الرحمان اليوسفي، وانتخابه كاتبا أول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وتجربته على راس الاتحاد البرلماني الدولي، والمغرب وأفق الديموقراطية في عهد الملك محمد السادس.
وكان الأديب حسن نجمي، الذي قدم الكتاب، قد لاحظ ظاهرة نقص التدوين لدى زعماء الحركة الوطنية المغربية وقادة المقاومة وجيش التحرير، وأشار، على سبيل المثال إلى أن علال الفاسي لم يدون يومياته عن منفاه في الغابون لمدة تسع سنوات إلا خلال السنتين الأوليين، مضيفا أن كتابة الأستاذ الراضي لشهادته تكتسي بعدا ثقافيا وسياسيا مهما اعتبارا للوضع الاعتباري والرمزي لصاحبها وأهمية النضالات التي خاصها والمناصب التي تقلدها.
 يذكر بأن كتاب “المغرب الذي عشته” يقع في 808 صفحة من القطع المتوسط، ويتضمن 76 صورة فوتوغرافية توثيقية.