سياسة | السبت 21 يناير 2017 - 19:00

سوف يضايقون ترامب بجميع الوسائل

  • Whatsapp

ماذا ننتظر من إدارة البيت الأبيض الجديدة؟ وكيف نريد أن نرى أمريكا، التي وصفها الرئيس بوتين بأنها “دولة عظمى، وليست جمهورية موز”؟
يقول الرئيس الفخري لمجلس السياسة الخارجية والدفاع، عميد كلية الاقتصاد العالمي والسياسة الدولية في مدرسة الاقتصاد العليا، سيرغي كاراغانوف، إن المشكلة تكمن في أن الأمريكيين يعدُّون أنفسهم ليس فقط أمة عظيمة بل استثنائية، وهذا لن يفضي إلى نتيجة جيدة.

الرئيس الفخري لمجلس السياسة الخارجية والدفاع

ويضيف: بالنسبة إلينا، لا يمكن أن تكون هناك “أمريكا مثالية”. صحيح أن الولايات المتحدة دولة قوية، لذلك تظهر معها دائما خلافات خلال التعاون المتبادل. ولكننا نستطيع أن نبني معها علاقات بناءة نسبيا، وتقليل احتمال المواجهة المباشرة معها.
إن الولايات المتحدة تحاول في الوقت الحاضر التخلي عن ميراث تسعينيات القرن الماضي والعقد الأول من الألفية الثالثة، حيث برز خلال هذه السنوات جيل كبير من الأشخاص يعتقدون أنهم دائما على حق ودائما ينتصرون، وأن الولايات المتحدة تهيمن على العالم. بيد أنهم لم يعززوا سياستهم “الوقحة”، بل على العكس من ذلك قوضوا مواقف الولايات المتحدة في العالم. فبدلا من التعاون مع روسيا، حولوها إلى عدو، وأدخلوا الولايات المتحدة في سلسلة نزاعات وخسروها. وبالمناسبة، إن أحد الأسباب التي جعلت قسما من النخبة الأمريكية يحقد على ترامب بهذا المستوى، هو وصفه الهجومات على يوغوسلافيا والعراق وليبيا بـ “الاعتداءات الإجرامية”. هذا الوصف قضى على “منجزات” عدد كبير من ساسة الولايات المتحدة ومثقفيها.
لذلك يجب أن يمر بعض الوقت لكي يختفي هذا الجيل الخاسر. ولكن ومع ذلك، فإن النخبة العجوز تقاتل بعنف ضد ترامب، بما في ذلك بورقة روسيا. انهم يحاربون روسيا بصورة خاصة، لأنها وقفت بقوة ضد سياستهم التي حاولوا فرضها على العالم.
ولكن، ماذا نريد اليوم؟ أولا – أن نحاول قدر الإمكان مع الولايات المتحدة كسر شوكة “داعش” الإرهابي في الشرق الأوسط، إن لم نقل القضاء عليه تماما. ثانيا – الاتفاق بشأن الحوار والتعاون في المجال الاستراتيجي. وهذا الأمر غائب حاليا، على الرغم من أن واقع الأوضاع العالمية حاليا يشبه تلك التي تسبق نشوب الحرب.
والأفضل من وجهة نظري، هو تنظيم حوار دائم بين الدول النووية كافة تحت إشراف روسيا والولايات المتحدة، ليس فقط بشأن الأسلحة النووية، بل وبشأن التهديدات والتحديات الأخرى، مثل الهجمات السيبرانية، التي لم يتم تنظيم أي شيء بشأنها. والفكرة الرئيسة، هي المحافظة على الاستقرار ومنع نشوب حرب عالمية زاد احتمال نشوبها في السنوات الأخيرة.
ولعل من الممكن الاتفاق مع الولايات المتحدة بشأن تخفيض حدة التوترات العسكرية في أوروبا. لقد سبق أن وضعت روسيا حدا لتوسع الناتو، وبعكسه كان حتما سيؤدي إلى حرب واسعة. ومع هذا، لا تزال الثقة معدومة بدرجة عالية جدا. وإضافة إلى هذا، فإن الاتحاد الأوروبي دخل في مرحلة أزمة طويلة، وأصبح مصدرا اضافيا لزعزعة الاستقرار، لذلك أتمنى أن تتفق روسيا والولايات المتحدة بشأن قواعد اللعب في أوروبا.
وبالطبع، يمكننا أن ننتظر إلغاء جزء من العقوبات إن لم يكن جميعها، والاتفاق مستقبلا مع الولايات المتحدة بشأن عدم تسييس مسألة أوكرانيا. لأن أوكرانيا ستنتهي حتما إذا بقيت موضع نزاع الدول الكبرى. ولكن إذا تحولت أوكرانيا ودول أخرى إلى منطقة للتعاون، في حال تحولها إلى دول محايدة، فإننا سنتمكن من تسوية قضية قديمة وكبيرة.
ويمكنني القول إن غالبية الأمريكيين، الذين أعرفهم والتقيتهم، لم يظهروا أي مزاج معاد لروسيا، أو يخجلون منه بوضوح. ولكن هذا المزاج واضح عند الجزء الأكبر من الليبراليين المناصرين للعولمة، الذين دخلت سياستهم في طريق مسدود.
لذلك، يجب أن نكون حذرين جدا في أملنا إزاء التعاون مع الادارة الأمريكية الجديدة. لأنه لا يستبعد حدوث أي استفزازات. ولذلك، أنا من جانبي أنصح بتعزيز منظومة حماية ترامب. لأن من الواضح أن جميع الوسائل سوف تستخدم من أجل اعاقة تحقيق ما وعد به خلال حملته الانتخابية. وإن المعركة الأساسية التي تنتظره ليست على جبهات السياسية الخارجية، بل الداخلية. لذلك، فإن برنامج التنمية الاقتصادية الذي قدمه، قد يغير ميزان القوى ورؤوس الأموال في الولايات المتحدة، ما سيؤدي إلى إعادة توزيع موارد ضخمة، وهذا يهدد بتقويض مواقع النخبة الحالية،بحسب ما ورد في موقع RT.